(و) في الاستفهام (اين بيتك ازرك) أي ان تعرفنيه ازرك (و) في الامر (اكرمني اكرمك) أي ان تكرمني اكرمك (و) في النهى (لا تشتمني يكن خيرا لك) أي ان لا تشتم يكن خيرا لك، وذلك لان الحامل للمتكلم على الكلام الطلبى كون المطلوب مقصورا للمتكلم اما لذاته أو لغيره لتوقف ذلك الغير على حصوله. وهذا معنى الشرط فإذا ذكرت الطلب وذكرت بعده ما يصلح توقفه على المطلوب غلب على ظن المخاطب كون المطلوب مقصودا لذلك المذكور بعده لا لنفسه فيكون إذا معنى الشرط في الطلب مع ذكر ذلك الشئ ظاهرا. ولما جعل النحاة الاشياء التى تضمن حرف الشرط بعدها خمسة اشياء اشار المصنف إلى ذلك بقوله (واما العرض كقولك الا تنزل عندنا تصب خيرا) أي ان تنزل تصب خيرا (فمولد من الاستفهام) وليس شيءا آخر برأسه لان الهمزة فيه للاستفهام دخلت على فعل منفى وامتنع حملها على حقيقة الاستفهام للعلم بعدم النزول مثلا وتولد عنه بمعونة قرينة الحال عرض النزول على المخاطب وطلبه عنه (ويجوز) تقدير الشرط (في غيرها) أي في غير هذه المواضع (لقرينة) تدل عليه (نحو ام اتخذوا من دونه اولياء (فالله هو الولى أي ان ارادوا اولياء بحق) فالله هو الولى الذى يجب ان يتولى وحده ويعتقد انه المولى والسيد. وقيل لا شك ان قوله ام اتخذوا انكار توبيخ بمعنى انه لا ينبغى ان يتخذ من دونه اولياء وحينئذ يترتب عليه قوله تعالى فالله هو الولى من غير تقدير شرط كما يقال لا ينبغى ان يعبد غير الله فالله هو المستحق للعبادة. وفيه نظر إذ ليس كل ما فيه معنى الشئ حكمه حكم ذلك الشئ والطبع المستقيم شاهد صدق على صحة قولنا لا تضرب زيدا فهو اخوك بالفاء بخلاف اتضرب زيدا فهو اخوك استفهام انكار فانه لا يصح الا بالواو الحالية. (منها) أي من انواع الطلب (النداء) وهو طلب الاقبال بحرف نائب مناب ادعو لفظا أو تقديرا. (وقد تستعمل صيغته) أي صيغة النداء (في غير معناه) وهو طلب الاقبال (كالاغراء في قولك لمن اقبل يتظلم يا مظلوم) قصدا إلى اغرائه وحثه على زيادة التظلم وبث الشكوى لان القبال حاصل (والاختصاص في قولهم انا افعل كذا ايها الرجل) فقولنا ايها الرجل اصله تخصيص المنادى بطلب اقباله عليك ثم جعل مجردا عن طلب الاقبال ونقل إلى تخصيص مدلوله من بين امثاله بما نسب إليه إذ ليس المراد باى ووصفه المخاطب بمنادي بل ما دل عليه ضمير المتكلم فايها مضموم والرجل مرفوع والمجموع في محل النصب على انه حال. ولهذا قال (متخصصا) أي مختصا (من بين الرجال) وقد يستعمل صيغة النداء في الاستغاثة نحو يا لله والتعجب نحو يا للماء والتحسر والتوجع كما في نداء الاطلال والمنازل والمطايا وما اشبه ذلك. (ثم الخبر قد يقع موقع الانشاء اما للتفاؤل) بلفظ الماضي دلالة على انه كأنه وقع نحو وفقك لله للتقوى (أو لاظهار الحرص في وقوعه) كما مر في بحث الشرط من ان الطالب إذا عظمت رغبته في شى ء يكثر تصوره اياه فربما يخيل إليه حاصلا نحو رزقني الله لقاءك (والدعاء بصيغة الماضي من البليغ) كقوله رحمه الله (يحتملهما) أي التفاؤل واظهار الحرص. واما غير البليغ فهو ذاهل عن هذه الاعتبارات (أو للاحتراز عن صورة الامر) كقول العبد للمولى ينظر المولى إلى ساعة دون انظر لانه في صورة الامر وان قصد به الدعاء أو الشفاعة (أو لحمل المخاطب على المطلوب بان يكون) المخاطب (ممن لا يحب ان يكذب الطالب) أي ينسب إليه الكذب كقولك لصاحبك الذى لا يحب تكذيبك تأتيني غدا مقام اءتينى تحمله بالطف وجه على الاتيان لانه ان لم يأتك غدا صرت كاذبا من حيث الظاهر لكون كلامك في صورة الخبر. (تنبيه) الانشاء كالخبر في كثير مما ذكر في الابواب الخمسة السابقة) يعنى احوال الاسناد والمسند إليه والمسند ومتعلقات الفعل والقصر (فليعتبره) أي ذلك الكثير الذى يشارك فيه الانشاء والخبر. (الناظر) بنور البصيرة في لطائف الكلام مثلا الكلام الانشائى ايضا اما مؤكد أو غير مؤكد والمسند إليه فيه اما محذوف أو مذكور إلى غير ذلك.
Sayfa 144