فنقلها كاملة، وبعضهم نقل الجزازات كلها، وبعضهم وجدها ناقصة؛ فاختلفت نسخ الكتاب فى أيدى الناس. وهذا أمر عهدنا مثله فى مقدمة ابن خلدون، وفى دواوين كثير من الشعراء.
وقد نبهت على هذا تنبيها واضحا جدا فى هذا الكتاب فى رسم البقيع، إذ كان المؤلف قد خلط أولا بين البقيع والنقيع، ثم بدا له، ففصل البقيع عن النقيع، بضميمة ضمها إلى الأصل فى البقيع، فاقرأ ذلك فى الصفحات ٢٦٦، ٢٦٧، ٢٦٨.
وللزيادات التى على هوامش النسخ احتمال آخر: أن يكون بعضها من إضافة الذين قرءوا الكتاب من العلماء، ولم ينبهوا على أن ذلك زيادة من عندهم؛ فيشتبه أمرها على الناسخين، فينقلوا هذه الزيادات فى المتن، على أنها من تتمة كلام المؤلف. وهذا نادر الحصول فى معجم البكرىّ، ومن أمثلته أن المؤلف حين ينسب الشعر إلى النابغة الذبيانىّ يقول: قال النابغة، ولا يزيد على ذلك، وهذا ملحوظ عندنا فى النسخ الثلاث المخطوطة، أما نسخة ج فتزيد دائما كلمة «الذبيانى» بعد النابغة، وأظنها من زيادات القارئين.
وقد رأيت مثل هذه الزيادات التى يدخلها الناسخون على المتون الأصلية، فى نسخة شرح التبريزى لسقط الزند، المحفوظة بدار الكتب المصرية برقم (١٤٣٤) .
ولم أكتف فى تحقيق هذا الكتاب بمقابلة النسخ وإثبات صور الخلاف والاتفاق بينها، ولكنى عرضت مادة المعجم عرضا دقيقا على المصادر التى أخذ منها المؤلف إن وجدت، ككتب الأشعار والأحاديث والتواريخ؛ وعلى مصادر أخرى لم يأخذ منها المؤلف، ولكنها تشاركه فى موضوع بحثه، كمعاجم اللغة ومعاجم البلدان، وقد خرجت من هذا العرض الشاق بفوائد كثيرة، استدراكا على المؤلف فى أمور أخطأ فيها، ويستطيع الباحث أن يقرأ ما كتبناه من ذلك فى رسم البقيع مثلا، وفى رسم البوازيح، وفى رسم ثور، وفى كثير غير هذه، مما يراه مبثوثا فى ذيول الصفحات.
وسألحق بآخر الكتاب عند تمامه، الفهارس التى أراها مكملة له، ميسّرة للبحث عن فوائده، مفصّلة لأغراضه ومقاصده.
المقدمة / 15