وكتب محمد بن خلف فى شوال سنة ست وتسعين وخمسمائة» .
وهذه النسخة أقدم النسخ التى بأيدينا، ولعلها أقدم النسخ الباقية من الكتاب، بين كتابتها ووفاة المؤلف نحو مئة سنة وعشر. وعلى هامشها ما يفيد أنها قوبلت بأصل بخط المؤلف. وهى بخط أندلسى غاية فى الجمال، شبيه فى قاعدته بخط النسخة س، إلا أنه أدق منه وأجمل؛ وورقها أيضا شبيه بورق النسخة س، فيه صفرة تشتد فى مواضع الكتابة جدا، حتى تكون بنّيّة، يغيب فى لونها سواد المداد، وعليها تعليقات بخطوط مختلفة مغربية، ومسطرتها سبعة وعشرون سطرا فى كل صفحة. وهى الغاية فى الصحة والضبط والوضوح، ولو كانت كاملة لفاقت جميع الأصول الموجودة من هذا الكتاب فى العالم.
وقد تطرّق إليها البلى والوهن، وصارت صحائف مفككة، أشبه بالألواح. ويجمل أن تعنى إدارة خزانة الأزهر بتصويرها، لتحفظ هذه البقية من عاديات الأيام.
أما نتائج مقارنات النسخ الثلاث (س، ق، ز) فيما بينها، ثم مقارنتها بنسخة ج المطبوعة فى جوتنجن بألمانيا، فقد فصلتها فى الحواشى أسفل الصفحات، فعلى من يريد البحث فى مزايا كل نسخة أن يراجع ما أثبته من ذلك.
ولم أشأ أن أخرج النسخة ج المطبوعة فى جوتنجن بألمانيا من حسابى فى المقابلة والمضاهاة، بل قارنت بينها وبين نسخنا المخطوطة، لأدل الباحث على مزايا النسخ جميعا، وفى ذلك فائدة أيضا لمن شاء من الأوربيين أن يقارن مخطوطات أوربة بمخطوطات المشرق.
بقيت مسألة واحدة تحتاج إلى التفسير؛ فما سر اختلاف النسخ بالزيادة والنقص، وهذا أمر يظهر أنه ليس للناسخين دخل فيه؟
والجواب عن ذلك هين ميسور، وقد أجاب عنه العلامة وستنفلد من قبل فى مقدمته لمطبوعته. ذلك أن البكرى كتب المعجم أولا، ثم أذاعه وتهاداه الناس والرؤساء، كما بيناه فى موضعه، ثم ردد النظر فى المعجم متصفّحا منقّحا، فبداله فيه أشياء لم يفطن لها أول الأمر، فأصلحها على هامش بعض النسخ، أو كما يقول العلامة وستنفلد فى أوراق وجزازات، وألحقها بمواضعها من الكتاب، ثم جاء الناسخون بنقلون الكتاب، فبعضهم عثر على نسخة منه قبل التنقيح، فنقلها ناقصة؛ وآخر عثر على نسخة منه منقحة
المقدمة / 14