فصل
قال النصراني:
"والذي آل إليه أنه قد وجد في جميع البلاد عدة من المسيحيين اسما وأقل من القليل حقا وفعلا، ولكن الله لم يكن يتغافل عن هذه الخطايا في قومه بل من أقصى أطراف أفاض كالطوفان جنودا لا تحصى عددا إلى بلاد النصارى.
وإذا لم يتعظ الباقون بما لقوا من هؤلاء من القتل والشدائد، ولم يعودوا للحق أذن بعدله أن يظهر محمد، ويدعو الناس إلى الشريعة الجديدة، التي مع أنها مخالفة لدين المسيح، مضادة له، لكنها في ظاهر الألفاظ كانت تحاكي سيرة كثيرين من النصارى.
وكان أول المدعوين إلى هذه الشريعة العرب الذين على أيديهم فتحت -في مدة يسيرة من الزمان- بلاد العرب والشام ومصر وبلاد الفرس، ثم ملكت المغرب والأندلس أيضا.
وأما دولة العرب فقد انتقلت إلى غيرهم من الأمم، وبالخصوص إلى الأتراك الذين هم أمة ذات بأس وقوة في الحرب، وهم بعد طول محاربة المسلمين دعوا إلى العهد، وقبلوا الشريعة الموافقة لأخلاقهم بغير امتناع، ونقلوا حكم الدولة لأنفسهم.
ثم فتحت على أيديهم بلاد الروم وبإقبال سعادتهم في الحروب وصلوا إلى حدود بلاد النمسا أيضا" انتهى.
1 / 187