النواب يا عزيزي، ثلاث طبقات: طبقة كالغذاء، لا يستغنى عنه، وطبقة كالدواء يحتاج إليه، وطبقة كالداء، نجانا الله منه، فإذا لم تستطع أن تجعل قائمتك كلها غذاء، فعلى الأقل أبعد الداء ...
10 / 3 / 51
في اللاذقية ضجة
لا نسمع ولا نقرأ في معمعة الانتخابات إلا هذه الكلمات : إقطاعية وديمقراطية، أقزام وجبابرة، موالون ومعارضون، شيوخ وشباب، وجوه عتيقة ووجوه جديدة، دم جديد ودم عتيق، جامعيون وأميون، إلخ ...
عرف هذا البلد الإقطاعية منذ كان، واحتلت أسماء بعينها أسماع بنيه وأفواههم، رسخها التكرار في الأذهان حتى اعتقد أصحابها أن «المناصب» جاءتهم مع «ستهم» في الجهاز، وهي لم تخلق إلا لهم.
لست أجحد فضل البيوتات العتيقة؛ فاللبنانيون - وهم أعرق الشرقيين في الديمقراطية - كانوا ينتخبون أمراءهم منذ مئات السنين، ولما انقضى عهد هؤلاء أصبحوا ينتخبون مجلس الاثني عشر، ثاروا على الإقطاعية منذ قرن فأبادوها، ولكنها لم تقطع حتى فرخت، فكانت كالعليق الذي يصعب على البستاني استئصاله.
وبعد فليست الآفة في العروق القديمة، فما أكثر المخلصين الصالحين في كل طبقة، وليست مكارم الأخلاق وقفا على ناس دون آخرين بل الأصل عون متى صلحت النفوس، والمرء من حيث يوجد لا من حيث يولد.
قلت: إن العقلية اللبنانية مطبوعة على توقير الإقطاعية، وإليك البرهان: كان مشايخ صلح القرى ينتخبون أعضاء مجلس الإدارة الاثني عشر من الأقضية السبعة ليمثل كل عضو مقاطعته، وكان أحدهم الشيخ أسعد بو صعب، عضو بلاد البترون، شديد المعارضة للمتصرف فرنكو باشا، ويروى أنه أحوجه مرة إلى إبراز «فرمانه» في المجلس، وتساؤله في إحدى الجلسات إذا كان هو المتصرف أم أسعد بو صعب ...
ومرت الأعوام وراح فرنكو وجاء متصرفون آخرون غيره، وكانت دورة انتخابية فانتخب شيخ قرية تحوم الشيخ أسعد بو صعب.
وبعد الاقتراع سأله أحد زملائه شيوخ الصلح: من انتخبت؟
Bilinmeyen sayfa