فأشرت إلى بدلة رتبته متعجبا! فألقى يده على كتفي، وهز برأسه مستهزئا وهو يقول: إذا كنت تهجي تهجية وعندك من يدعمك صرت وزيرا، وإن كنت حائزا جميع المكارم وكنت فيلسوف دهرك وما لك ظهر تقضي عمرك باش بزق.
أنا صرت مديرا لأني شامي، وأخص عزت باشا، عرفته؟ خلق لي مديرية كما خلقه ربه.
فقلت: اسم مديرية سعادتكم؟
فاستيقظت عنجهية المديرية فيه، وتذكر في تلك الدقيقة أنه مدير تركي، وإن كان دمشقيا، فتفرعن وتلفظ باسمها الضخم مقطعا مقطعا: آروم جاك مديري.
فقلت: ترجمتها من فضل سعادتك؟
فقال: بالعربية: مدير العنكبوت في جامع آجيا صوفيا.
فقلت: مدير عنكبوت؟!
فأجاب وهو يكز: أي نعم.
وبعد هنيهة فتح فمه وقال وهو يشبر: معاش كبير ... ولقب سعادتلو أفندم حضرتلري، آتقبر القراءة والكتابة سيدي.
وكان البيك ينهي «السالفة» بضحكة عريضة ما زال وقعها في أذني. وها أنا أتذكرها اليوم وأقول بمناسبة تفصيل ثوب الدولة على القد: هذا كان في دولة تركيا يوم شيخت وجازت مدى الهرم، فما عذر دولتنا وهي بنت أمس، ولبنان علم الناس القراءة والكتابة ...
Bilinmeyen sayfa