وما أحسن قول ابن إسرائيل في مليح بوجهه كي:
لا تحسبوا الكي على زنده
أثرها(¬1)[23] النار بقرطاسه
وإنما قبلها عاشق،
فاحترقت من حر أنفاسه
وألطف ما ذكره النواجي(¬2)[24] في مراتعه، أن أديبا بإفريقية كان يهوى غلاما، وهو كثير الإعراض، فسكر ذات ليلة، فخطر بباله أن يأخذ قبسا يحرق به دار الغلام، فقام وفعل. فاتفق أن رآه بعض الجيران، فأطفأ النار، وأعلم القاضي بالأديب. فأمر به، فاحضر بين يديه وقال: لأي شيء أحرقت باب الغلام؟ فأنشأ الأديب يقول:
لما تمادى على بعادي،
وأضرم النار في فؤادي
ولم أجد من هواه بدا،
ولا معينا على السهاد
حملت نفسي على وقوفي
ببابه حملة الجواد
فطار من بعض نار قلبي
أكثر في الوصف من زناد
[ص 159]
فاحترق الباب دون علمي
ولم يكن ذاك من مرادي
وما أحلى قول ابن سرا يا الحلي(¬3)[25]:
لا غرو أن يصلى الفؤاد بحبكم
نارا، تؤججها يد التذكار
قلبي إذا غبتم يصور شخصكم
فيه، وكل مصور في النار
Sayfa 59