ومع هذا أيضا فان هذا الرأى هو موصل الى نفس سامعيه اعتقادات شنعة فى الله، عز وجل. وذلك أن الله، ان كان موجودا، حتى يكون وكده الاعتناء بنا ومقصده التقسيط على الأشياء التى قلنا 〈ل〉كل واحد من الخيرات والشرور بحسب الاستحقاق تقسيطا متساويا بحسب الاستحقاق، كما يعلق القائلون بذلك. وزعموا أنا لسنا نرى شيئا من ذلك يجرى أو يكون، لاكنا نرى ونشاهد الأشرار من الناس متقلبين فى الخيرات باقين فيها ونجد الصالحين والأخيارمنهم على ضد هذه الحال، وهو أن أمورهم لا تدانى شيئا من الاستقامة فى تدبير معاشهم وفى حيوتهم، وزعموا أنه لا وجود لله أصلا البتة. غير أن القول بهذا وحمل الانسان نفسه على مثل هذا الكذب والجور هو من قول من يحب معاندة الظاهر من الأشياء والمقاومة له.
القول أيضا ان جميع الأشياء التى ها هنا تجرى أمورها بحسب الاستحقاق (فان جميع أجزائه داخل فى معونة الكل) والاستقامة ليس قول من يتحرى الحق، لاكنه قول من يبرئ الشر بالشر ويعتصم بالدواء.
وقد ينبغى أن نلتمس تلخيص عناية الله بالقول، من حيث لا يكون منا فى ذلك معاندة للأشياء الظاهرة المشاهدة فى الأشياء الكائنه، على أن من يشاهد من أمرها مخالف لما نقوله فى ذلك. ولا أيضا نوجد دافعين لأسبابها الى ما لا مقنع فيه أصلا، لاكن يوافق زيد عن ما يصنعه واضعه فى ذلك وهو تابع فى وضعة اياه للأشياء التى يقع التصديق بها مما يكون.
وأيضا فان الذين يقولون ان الله، عز وجل، يلحظ جميع الجزئيات والأوحاد وتفقده لها وعنايته بها متصلة بلا دثور، فقد يلزمهم الشناعة بأنهم مناقضون لأنفسهم واللأشياء المتقدمة المتعارفة.
Sayfa 13