تنبيه
الحمد لله رب العالمين الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد اقتضى هذا التنبيه وجود بعض الحكايات والعبارات في الكتاب، غفل المؤلف ﵀ عن معارضتها لقواعد الشرع الأساسية، وهذه الحكايات والعبارات نشأت عن تجاوز الحدود الشرعية الذي وقع فيه المتأخرون من عوام الأمة، وبعض المنتسبين إلى العلم. ومجاوزة الحدود الشرعية بالزيادة يعبر عنه في نصوص القرآن والسنة بالغلوّ، والإسراف، والاعتداء.
وقد توافرت النصوص على النهي عن الغلو وذمه والتحذير منه في مثل قوله تعالى: ﴿يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق﴾ (^١)، وقوله تعالى: ﴿قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا وضلوا عن سواء السبيل﴾ (^٢).
قال ابن كثير (^٣) في تفسير هذه الآية: «أي: لا تجاوزوا الحد في اتباع الحق ولا تطروا من أُمِرْتُم بتعظيمه فتبالغوا فيه حتى تخرجوه عن حيز النبوة إلى مقام الإلهية كما صنعتم في المسيح وهو نبي من الأنبياء فجعلتموه إلهًا من دون الله، وما ذاك إلا لاقتدائكم بشيوخكم شيوخ الضلال الذين هم سلفكم ممن ضل قديمًا» انتهى.
وتكرر في القرآن النهي عن الإسراف وما في معناه وذم المسرفين في أكثر من خمس وعشرين آية، كما تكرر النهي عن الاعتداء وذم المعتدين في زهاء ثلاثين آية.
_________
(^١) سورة النساء، آية رقم: ١٧١.
(^٢) سورة المائدة، آية رقم: ٧٧.
(^٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ٨٣. ط: دار الفكر، بيروت ١٤٠١ هـ.
1 / 42