Lavakih-i Envâr
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Yayıncı
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Yayın Yılı
1315 هـ
أن يرجع بك منك إليه التسليم أن تعلم أن ربك أشفق عليك من نفسك والعذاب عذاب الفراق وكان يقول آفة المريد ثلاثة حب الدرهم، وحب النساء، وحب الرياسة فيدفع حب الدرهم باستعمال الورع، وحب النساء بترك الشهوات، وترك الشبع ويدفع حب الرياسة بإثبات الخمول، وكان يقول : المريد الصادق الله مراده، والصديقون إخوانه والخلوة بيته والوحدة أنسه والنهار غمه والليل فرحه، ودليله قلبه والقرآن معينه، والبكاء ريه والجوع أدمه والعبادة نزهته والمعرفة قياده والحياة سفره والأيام مراحله والورع طريقه، والصبر شعاره، والسكون دثاره، والصدق مطيته، والعبادة مركبه وخوف الفوت خشيته، وكان يقول: إذا تحرك العبد لإزالة منكر، فقامت دونه الموانع، فإنما ذلك لفساد العقد بينه، وبين الله تعالى.
فلو صحت عقيدته مع الله تعالى واستأذنه في إزالة ذلك المنكر، واستعان به لم يقم دونه مانع قط وكان يقول: من شرب من كأس الرياسة، فقد خرج من إخلاص العبودية، وكان يقول: عطشت في بادية في طريق الحجاز، فإذا براكب حسن الوجه على دابة شهباء فسقاني الماء وأبى دفني خلفه، ثم قال: انظر إلى نخيل المدينة، فانزل واقرأ على صاحبها مني السلام وقل أخوك الخضر يقرأ عليك السلام.
وقيل له: ما بال الإنسان يتواجد عند سماع الأشعار، ولا يتواجد عند سماع القرآن، فقال: لأن سماع القرآن صدعة لا يمكن أحدا أن يتحرك فيها لشدة غلبتها، وشدة الأشعار ترويح للنفس فتتحرك فيه والله أعلم.
ومنهم أبو محمد عبد الله بن محمد الخراز
رضي الله تعالى عنه
من كبار مشايخ الري جاور بالحرم سنين كثيرة، وكان من الورعين القائمين بالحق الطالبين قوتهم من وجه حلال صحب أبا عمران الكبير، ولقي أبا حفص النيسابوري، وأصحاب أبي يزيد وكانوا جميعا يكرمونه ويعظمون شأنه، وحكي عن أبي حفص أنه قال رضي الله عنه: نشأ بالري فتى إن بقي على طريقته، وسمته صار أوحد الرجال.
مات رحمه الله قبل العشر والثلاثمائة، ومن كلامه رضي الله عنه الجوع طعام الزاهدين والذكر طعام العارفين رضي الله عنه.
ومنهم أبو الحسن بنان بن محمد بن أحمدان بن سعيد الجمال
رضي الله عنه
كان أصله من واسط سكن رضي الله عنه مصر، واستوطنها ومات بها، ودفن بالقرافة بالقرب من الجبل تجاه جامع محمود، سنة ستة عشر وثلاثمائة، وكان من جملة المشايخ القائمين بالحق، والآمرين بالمعروف له المقامات المشهورة، والكرامات المذكورة صحب أبا القاسم الجنيد، وغيره من مشايخ الوقت وكان أستاذ النوري ومن كلامه رضي الله عنه: أجل أحوال الصوفية الثقة بالمضمون والقيام بالأمر والمراعاة للسر والتخلي من الكونين والتعلق بالحق تعالى وكان يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، قال لي: يا بنان فقلت: لبيك يا رسول الله فقال: من أكل بشره نفس أعمى الله عين قلبه، فانتبهت، وعقدت أن لا أشبع بعدها أبدا.
وكنت قد أكلت تلك الليلة رغيفين، وقصعة عدس وكان رضي الله عنه يقول: اجتمعت بأبي جعفر الحداد الفرجي رضي الله عنه، بمصر فقلت له: اختصر لي من العلم كله كلمة واحدة أنتفع بها، فقال: عليك بأخذ الأقل من الدنيا وارض فيها بالذل فقلت حسبي حسبي والله تعالى أعلم.
ومنهم محمد وأحمد ابنا أبي الورد
رضي الله تعالى عنهما آمين
وهما من كبار مشايخ العراقيين، وأقارب الجنيد، ومن جلسائه وصحبا السري السقطي، والحارث المحاسبي، وبشرا الحافي وأبا الفتح الحبال وطريقتهما في الورع قريبة من طريقة بشر رضي الله عنه.
ومن كلام محمد رحمه الله في ارتفاع الغفلة ارتفاع العبودية. قلت: والمراد بارتفاع الغفلة زوالها، وبارتفاع العبودية علوها والله أعلم.
والغفلة غفلتان غفلة نقمة وغفلة رحمة، فأما الرحمة فإسدال حجاب العظمة دون العبادات إذ لو انكشف الغطاء لانقطعوا عن العبودية، وأما التي هي نقمة فالغفلة عن طاعة الله عز وجل وكان رضي الله عنه يقول: الولي هو الذي يوالي أولياء الله، ويعادي أعداءه، وكان يقول: من كانت نفسه لا تحب الدنيا فأهل الأرض يحبونه، ومن كان قلبه لا يحب الدنيا، فأهل السماء يحبونه، وكان يقول: من أدب الفقير تركه الملامة والتعبير لمن ابتلى بطلب الدنيا، والرحمة، والشفقة عليه، والدعاء بأن الله تعالى يريده من التعب فيها.
قلت: والمراد بالتعبير أن يقصد به نقصه بين الناس لا غير دون النصح، والله أعلم.
وكان يقول:
Sayfa 84