Lavakih-i Envâr
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Yayıncı
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Yayın Yılı
1315 هـ
العلم فسكنت نفسه إليه ولكن عنده اعتراض في نفسه هل يسكت أن يعترض حتى يتبين له الحق فيعمل به فقال لا يسكت بل يعترض حتى يتبين له الحق. قلت: ومعنى الاعتراض أن يقول لشيخه لا أفهم هذا ومقصودي تفهمه لي لا أنه يرد الكلام جملة والله تعالى أعلم، وكان يقول تولد ورع الورعين من خوف مؤاخذاتهم بالذرة والخردلة والخطرة واللحظة ولولا ذلك ما صح لهم ورع راشد الورع، أن يحاسب نفسه على مقادير الخردلة وأوزان الذرة، وكيف يزكي نفسه من لا ينفك من الخسران ويخالط أهل العصيان والله تعالى يقول " فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى " وكان رضي الله عنه يقول: من علامات الأولياء ثلاثة أشياء يصون سره فيما بينه وبين الله، ويحفظ جوارحه فيما بينه وبين الناس، ويداري الخلق على تفاوت عقولهم وكان يقول تاه بعض أصحابنا في البادية فورد على عين فإذا عليها جارية كالقمر فوقف عندها فقالت إليك عني فقال اشتغل كلي بك فقالت في تلك العين جارية أخرى لا أصلح أن أكون خادمة لها فالتفت إلى ورائه فقالت ما أحسن الصدق وأقبح الكذب زعمت أن الكل منك مشغول بي وأنت تلتفت إلى غيري ثم التفت فلم ير أحدا وكان يقول: القرآن كله شيئان مراعاة أدب العبودية وتعظيم حق الربوبية رضي الله عنه.
ومنهم أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الخواص
رضي الله تعالى عنه ورحمه
هو من أجل من سلك طريق التوكل، وكان أوحد المشايخ في وقته، وكان من أقران الجنيد والنوري، وله في الرياضات والسياحات مقام يطول شرحه. مات بجامع الري سنة إحدى وتسعين ومائتين مات بعلة البطن وكان كلما قام توضأ ركعتين فدخل الماء يوما فمات وسط الماء، وكان يقول: إنما العلم لمن اتبع العلم واستعمله واقتدى بالسنن، وإن كان قليل العلم، وكان يقول: التاجر برأس مال غيره مفلس، وكان يقول: على قدر إعزاز المؤمن لأمر الله يلبسه الله من عزه ويقيم له العز في قلوب المؤمنين، وكان يقول: من جهة الفقير، أن تكون أوقاته مستوية في الانبساط صابرا على فقره، لا تظهر عليه فاقة ولا تبدو منه حاجة أقل أخلاقه الصبر والقناعة، مستوحشا من الرفاهية مستأنسا بالخشونات فهو بضد ما عليه الخليقة ليس له وقت معلوم، ولا سبب معروف، فلا تراه إلا مسرورا بفقره فرحا بضره مؤنثا على نفسه ثقيلة وعلى غيره خفيفة يعز الفقر ويعظمه ويخفيه بجهده ويكتمه حتى عن أشكالا يستره قد عظمت عليه من الله فيه المنة، فلا يرى عليه من الله منه أعظم من خلو ليد من الدنيا. وكان يقول: أربع خصال عزيزة عالم يعمل بعلمه، وعارف ينطق عن حقيقة فعله، ورجل قائم لله بلا سبب ومريد ذهب عنه الطمع، وكان يقول: لقيت الخضر عليه السلام في بادية فسألني الصحبة فخشيت أن يفسد علي توكلي بالسكون إليه ففارقته وكان رضي الله عنه يقول: المفاخرة والمكاثرة يمنعان الراحة، والعجب يمنع من معرفة قدر النفس، والتكبر يمنع من معرفة الصواب والبخل يمنع من الورع، وكان يقول: ليس من صفة الفقراء مؤالفة الأغنياء ولا من صفة أهل المعرفة مؤالفة أهل الغفلة، وكان يقول: من دواعي المقت ذم الدنيا في العلانية واعتناقها في السر، وكان يقول: الإنسان في خلقه أحسن منه في جديد غيره والهالك حقا من ضل في آخر سفره وقد قارب المنزل، وكان يقول: يجب على المريد الاجتماع بمن يكشف له عن عيوبه ويدله على مواضع الزيادة ويكون نظره إليه قوة له على تهييج حاله، وكان يقول: لم يؤت الناس من قلة الندم والاستغفار وإنما أتوا من قلة الوفاء بالعهد قال أبو الحسن النحراني: صاحب إبراهيم الخواص كنت شديد الإنكار على الصوفي في علومهم وأبغض كل من اجتمع بهم فدخلت بغداد وأنا أكتب الحديث، فرأيت إبراهيم الخواص وحوله جماعة يتكلم عليهم، فسمعت كلامه فدخل قلبي صدق قوله فرأيته علما صحيحا لا بد للخلق من استعماله، فلزمته من ذلك المجلس ولم أفارقه وفرقت ما كنت جمعته من الكتب وكانت نحو حملين، ومع هذا فلم يلتفت إلي ولم يكلمني بكلمة أياما كثيرة، فلما عرف مني الصدق في طلبه أدناني وقربني رضي الله عنه، وكان إبراهيم رضي الله عنه إذا دعى إلي دعوة فرأى فيها خبزا يابسا أمسك يده ولم يأكل ويقول: هذا خبز قد منع حق الله تعالى منه إذ يبيت ولم يخرج من يومه وقال في قوله تعالى: " وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب " " الزمر: 54 " الآية، الإنابة
Sayfa 83