Lavakih-i Envâr
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Yayıncı
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Yayın Yılı
1315 هـ
هلاك الناس في حرفين اشتغال بنافلة، وتضييع فريضة، وعمل بالجوارح بلا مواطأة القلب عليه، وإنما منعوا الوصول لتضييعهم الأصول، وكان أحمد يقول: إنما بسط بساط المجد للأولياء ليأنسوا به، ويرفع به عنهم حشمة بديهة المشاهدة، وإنما بسط بساط الهيبة للأعداء ليستوحشوا من قبائح أفعالهم، ولا يشاهدون ما يستريحون إليه من المشهد الأعلى، وكان رضي الله عنه يقول: إذا زاد في الولي ثلاثة أشياء زاد فيه ثلاثة أشياء إذا زاد خلقه زاد تواضعه، وإذا زاد ماله زاد سخاؤه، وإذا زاد عمره زاد اجتهاده رضي الله عنه.
ومنهم أبو حمزة محمد بن إبراهيم البغدادي البزار
رحمه الله تعالى
صحب السري السقطي، وحسنا المسوحي، وكان ينتمي إلى المسوحي أكثر، وكان فقيها عالما بالقرآن، وكان يتكلم ببغداد في مسجد الرصافة قبل كلامه في مسجد المدينة تكلم يوما في مسجد المدينة فتغير عليه حاله، وسقط عن كرسيه ومات في الجمعة الثانية، وكان موته قبل الجنيد، وكان من رفقاء أبي تراب النخشبي في أسفاره، وكان الإمام أحمد إذا جرى في مجلسه شيء من كلام القوم يقول لأبي حمزة رحمه الله تعالى ما تقول في هذا يا صوفي، ودخل البصرة مرارا وصحب بشرا الحافي.
مات رحمه الله تعالى سنة تسع وثمانين ومائتين رحمه الله، ومن كلامه رضي الله عنه من المحال أن تحبه، ثم لا تذكره، ومن المحال أن تذكره، ثم لا يوجدك طعم ذكره، ومن المحال أن يوجدك طعم ذكره، ثم يشغلك بغيره، وكان رضي الله عنه يقول: وقفت على راهب في طريق الروم، فقلت له: هل عندك شيء من خبر من مضى، فقال: نعم فريق في الجنة، وفريق في السعير، وكان يقول: حب الفقير شديد، ولا يصبر عليه إلا صديق، وكان يقول: إذا فتح الله عليك طريقا من طريق الخير فألزمه، وإياك أن تنظر إليه، أو تفتخر به، واشتغل بشكر من وفقك لذلك فإن نظرك إليه يسقطك من مقامك واشتغالك بالشكر يوجب لك فيه المزيد قال الله تعالى: لئن شكرتم لأزيدنكم، واكن يقول: من علم طريقة الحق هان عليه سلوكها، وهو الذي علمها بتعليم الله إياه، وأما من علمها بالاستدلال فمرة يخطئ، ومرة يصيب، ولا دليل على الطريق إلى الله تعالى إلا متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام في أفعاله، وأحواله، وأقواله، وكان رضي الله عنه يقول: قد يقطع بقوم في الجنة كما وقع آدم عليه السلام، وهم الذين يقولون لهم ملائكة الحق " كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية " فإنه شغلهم عنه بالأكل، والشرب، ولا مكر فوق هذا، ولا حسرة أعظم منها عند العارفين بالله تعالى.
وروي أنه كان حسن الكلام فهتف به هاتف تكلمت، فأحسنت بقي عليك أن تسكت فتحسن، فما تكلم بعد ذلك حتى مات، وسئل هل يتفرغ المحب لشيء سوى محبوبه فقال: لا لأن المحب في بلاء دائم، وسرور منقطع، وأوجاع متصلة لا يعرفها إلا من باشرها رضي الله عنه.
ومنهم أبو بكر محمد بن موسى الواسطي
رحمه الله تعالى ورضي عنه
أصله من فرغانة، وكان من قدماء أصحاب الجنيد، والثوري وكان من علماء مشايخ القوم لم يتكلم أحد في أصول التصوف مثل كلامه، وكان عالما بأصول الدين، والعلوم الظاهرة دخل خراسان، واستوطن كورة مرو ومات بها بعد العشرين والثلاثمائة، وكلامه عندهم ليس بالعراق، منه شيء لأنه خرج منها، وهر شاس ومشايخه أحياء، وتكلم في خراسان في أبيورد، ومرو وأكثر كلامه بمرو، وكان يقول: ابتلينا بزمان ليس فيه آداب الإسلام، ولا أخلاق الجاهلية، ولا أحلام ذوي المروءة، وكان يقول: أفقر الفقراء من ستر الحق حقيقة حقه عنه، وكان يقول: الخوف حجاب بين الله تعالى، وبين العبد، وهو اليأس، والرجاء فإن خفته بخلته، وإن رجوته اتهمته كيف يرى الفضل فضلا من لا يأمن أن يكون ذلك مكرا.
وكان يقول: الذاكر في ذكره أشد غفلة من الناسي لذكره لأن ذكره سواء، وكان يقول: التقوى أن يتقي العبد من تقواه يعني من رؤية تقواه، وكان رضي الله عنه يقول: إذا ظهر الحق على السرائر لا يبقى فيها فضلة خوف، ولا رجاء، وكان يقول: احذروا لذة العطاء، فإنها غطاء لأهل الصفاء، ولولا شهود نفسه مع الحق ما استلذ، وكان يقول: في صفة الصوفية كان للقوم إشارات ثم صارت حركات، ثم لم يبق إلا حسرات، وكان يقول: من عرف الله انقطع بل خرس، وانقمع، ولا تصح المعرفة، وفي العبد استغناء بالله أو افتقار إليه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا أحصي ثناء عليك " هذه أخلاق من بعد مرماهم فأما الذين
Sayfa 85