Lavakih-i Envâr
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Yayıncı
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Yayın Yılı
1315 هـ
نعتقك من بساط العبودية انتهى والله أعلم.
قلت: وفي هذا نظر لا يخفى، وكان رضي الله عنه يقول: المحبة إقامة العتاب على الدوام وقال في قوله تعالى: " ثم تاب عليهم ليتوبوا " " التوبة: 118 " ما لم يعطف الرب على العبد بالرحمة لم يعطف العبد على الله بالطاعة وقال في قوله تعالى: " هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " " طه: 125 " إن آدم عليه السلام قال يا رب لم أدبتني وإنما أكلت من الشجرة طمعا في الخلود في جوارك فقال يا آدم طلبت الخلود من الشجرة لامني والخلود بيدي وملكي فأشركت بي وأنت لا تشعر ولكن نبهتك بالخروج حتى لا تنساني في وقت من الأوقات وكان رضي الله عنه يقول: يقول الله تعالى يا ابن آدم إن أعطيتك الدنيا اشتغلت بها عني وإن منعتكها إشتغلت بطلبها فمتى تتفرغ لي وكان يقول من حكم المبتدي أن يهتدي بالحقائق ويسير بالعلم ويجد في العمل ولا يقف ولا يلتفت وقال في قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة أي في الظواهر من الأخلاق الشريفة والعبادات المرضية دون البواطن والأسرار والإشارات ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق " ألا كل شيء ما خلا الله باطل " إشارة إلى الكون قال ما يليق بالكون إذ كل ما عون الله هو من الكون وأسراره صلى الله عليه وسلم لا يطيق حملها أحد من الخلق لأنه باين أمته بالمكان والمباشرة ومن أجل ذلك قال صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك رضي الله عنه: " احفظ سري تكن مؤمنا " وكان رضي الله عنه يقول: من صعب عليه خدمته لم يصل إلى قربه ومن لم يتنعم بذكره في الدنيا لم يتنعم برؤيته في الآخرة، وكان يقول: الهيبة مقرونة بالورع فمن قل ورعه قلت هيبته، وكان يقول: العارف يربح على ما مضى منه في معصية الله تعالى أضعاف ما يربح غيره على طاعة الله تعالى لأن ذنوبه دائما نصب عينيه لا يفتر عن ذكرها أبدا، وكان يقول: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قام أبو بكر رضي الله عنه يسوس الخلق بقضيب مع قوة نسيم النبوة فلما توفي أبو بكر رضي الله عنه تقدم عمر رضي الله عنه على سياسة الناس فأقام حدود الله بدرته ولم يقدر عثمان على سياسة الناس بالدرة، فأخرج السوط فلم يستقم له الأمر كما استقام لصاحبيه، فلما استشهد لم يقدر علي رضي الله عنه على شيء يسوس به الخلق غير السيف إذ رأى ذلك صوابا وفي حكاية أخرى عنه قال: كان أبو بكر رضي الله عنه يشم نسيم الرسالة وعمر رضي الله عنه يشم نسيم النبوة وعثمان رضي الله عنه يشم نسيم الاصطفاء وعلي رضي الله عنه يشم نسيم المحبة، فكان بيان إشاراتهم مما خصوا به من الكرامة في هجيرهم فكان هجير أبي بكر لا إله إلا الله وكان هجير عمر الله أكبر وكان هجير عثمان سبحان الله وكان هجير علي الحمد لله فكان أبو بكر رضي الله عنه لم يشهد في الدارين غير الله فكان يقول: لا إله إلا الله وكان عمر رضي الله عنه يرى ما دون الله صغيرا في جنب عظمة الله، فيقول: الله أكبر وكان عثمان رضي الله عنه لا يرى التنزيه إلا لله تعالى إذ الكل قائم به غير معرى من النقصان والقائم بغيره معلول فكان يقول سبحان الله، وكان علي رضي الله عنه يرى نعمة الله في الدفع والمنع والمحبوب والمكروه فكان يقول: الحمد لله، وكان يقول: ما ارتفع من ارتفع بكثرة صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا مجاهدة وإنما ارتفع بالخلق الحسن قال صلى الله عليه وسلم: " أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا " وكان يقول: ليس مهر من مهور الجنة أحب إلى الحور العين من إعراض العبد عن الدنيا وليس وسيلة للعبد عند الله تعالى أحب إليه من إعراضك عن نفسك وكان رضي الله عنه يقول: إنما ابتلى الخلق بالفراق لئلا يكون لأحد سكون مع غير الله عز وجل وكان يقول: قوام الإسلام وشرائعه بالمنافقين وقوام الإيمان وشرائعه بالعارفين بالله عز وجل وكان رضي الله عنه يقول: العارف سكوته تسبيح وكلامه تقديس، ونومه ذكر ويقظته صلاة وذلك لأن أنفاسه تخرج على مشاهدة ومعاينة وكان يقول: العارف لا كطيف عليه أي لزوال التعب والنصب عنه فأفعاله الشاقة على غيره لا يتكلف لها بل هي كخروج النفس ودخوله.
وسئل رضي الله عنه عن معنى الطهارة فقال: الطهارة بالنفوس والصلاة بالقلوب فبغسل الوجه يعرض عن الدنيا وبغسل يديه يكفي الخلق يمنة ويسرة وبمسح الرأس يبرأ عن نفسه وبغسل القدمين يقوم لمناجاة ربه فإذا كبر للصلاة خرج من جميع كليته لتصح له مناجاة ربه.
وقيل له مرة إذا سمع الإنسان شيئا من
Sayfa 82