واعلم أن التعارض بين الشيئين هو تقابلهما على وجه يمنع كل منهما مقتضى صاحبه من جميع الوجوه ، أو بعضها ، (ولا تعارض في أفعاله) أصلا ، لأنه إما أن تتناقض أحكامها أولا إن لم تتناقض كان يكونا متماثلين كصلاة الظهر في وقتين أو مختلفين يتصور اجتماعهما في وقت كالصوم والصلاة أولا يتصور كصلاة الظهر والعصر فلا خفاء في عدم التعارض لإمكان الجمع بين أحكامهما ، وإن تناقضت كصوم يوم معين وأكل في آخر مثله فلا تعارض أيضا لجواز أن يكون الفعل واجبا في وقت وجائزا في آخر ، مع أنه لا يكون رافعا ولا مبطلا حكم الآخر ؛ إذ لا عموم للفعلين ، ولا لأحدهما ، وإنما يتصور التعارض بين القولين ، أو بين قولين وفعل ، ولذا قال : (ومتى تعارض قولان) وتعارضهما ظاهر (أو قول وفعل) علم وجهه وقام الدليل على تكرره بأن ينقل إلينا أنه نهي عن استقبال القبلة لقضاء الحاجة ، وأنه استقبلها له ، فإن ترتبا وعلم المتأخر (فالمتأخر ناسخ) للمتقدم منهما إن تأخر بقدر إمكان الامتثال ، وتعذر الجمع بينهما من كل وجه ، (أو مخصص) ، أو مقيد لعموم الأول ، أو إطلاقه إن لم يتأخر كذلك وامن الجمع بذلك
(فإن جهل التاريخ) فإما أن يمكن ترجيح أيهما بأحد وجوهه أولا إن لم يكن أطرحا ورجع إلى غيرهما - كما سيأتي إن شاء الله تعالى - ، وإن أمكن (فالترجيح) لازم للمجتهد ، وسيأتي بيانه بين القولين. وأما بين القول والفعل فالمختار ترجيح القول لما سبق ؛ إلا أنه قد تقرر أن الفعل لا يكون دليلا إلا مع القول ، وحينئذ يعود من تعارض القولين وما صحب الفعل أرجح لاعتضاده به ، وطريق من سمعه يقول أو شاهده يفعل الضرورة. وأما من نأت به دراه عنه فطريقه
(وطريقنا) الموصل (إلى العلم) بالمعنى الأعم الشامل للظن (بالسنة) بأقسامها المذكورة. (الأخبار) جمع خبر ، وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى
Sayfa 77