مسألة: ورفع لي الثقة أيضا أن من دلائله على الوصف بالقدرة على جمع الأضداد، ووجدنا ذلك مقيدا عنه، أن الله تعالى خلق ملكا من الملائكة نصفه ثلج ونصفه نار، قال: فقال انظروا إلى اجتماع الأضداد وليس هذا بأعظم من الأول؟ وأين هو من اجتماع الأضداد؟ وكم بين هذا وذاك؟ وذلك أن النصف الذي هو ثلج ليس بنار والنصف الذي هو نار ليس بثلج وكل واحد منهما غير الآخر. وإنما اجتماع الأضداد لو كان هذا الملك نارا ثلجا وهذا محال لا يكون.
فإن تجاسر وزعم ذلك فقد لزمه أن تصدق من حلف بطلاق زوجته أن ذلك الملك الموصوف بأنه ثلج نار أنه نار. ومن حلف أنه نار ثلج ن ومن حلف أنه لا نار من فبل أنه ثلج من قبل أنه نار، وهذا بين لاستحالة ظاهر الفساد وبالله التوفيق.
فإن عارض معارض واحتج محتج بالخنثي فقال ليس قد اجتمع فيها خلق الذكر وخلف الأنثى ليس ذلك اجتماع الأضداد من حيث إنه من خلق الذكر ليس بأنثى ومن حيث الأنثى ليس بذكر، وإنما حقيقة اجتماع الأضداد أن لو خلق الأنثى ويكون على هذه الصفة ذكر أنثى وليس الخنثي كذلك.
الدليل على ذلك: أنه سمى مشكلا أي يحتمل أن يكون ذكرا لا أنثى وأن يكون أنثى لا ذكرا، ليس أنه ذكر أنثى، ألا تراه جعل له نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى ولو كان ذكرا أنثى لجعل له ميراث ذكر تام وميراث أنثى تام، وهذا منكشف القناع بين عند الجدل والنزاع، ظاهر السبيل واضح الحجة والدليل، والله الحمد والمنة وهو المعين وبه التوفيق.
الباب الثاني والعشرون
باب بيان الحق والاعتقاد
Sayfa 74