والدليل على استحالة الوصف بالقدرة على جمع الأضداد وأما الدليل على خطأ من وصف الله تعالى بالقدرة على جمع الأضداد فإنه من ثلاثة أوجه: أحدها ن رد الإجماع، والثاني، بطلان الفرق بين الصدق والكذب، والثالث، إفضاؤه إلي [57] تعجيز البارئ جلت عظمته، فإن الوصف لله بالقدرة على كونه دليل على إمكانه وأنه يحتمل كونه إذ لا يخلو المنازع لنا أن يكون المعتقد أنه ممكن، يحتمل أن يكون، أو محال لا يكون البتة.
وكلامه يدل على أنه ممكن، وقد وقع الإجماع على أنه محال في العقل وأن المال في العقل غير ممكن فهذا رد الإجماع والراد للإجماع مخطئ ل شك في ذلك وهذا وجه.
مسالة: ثم إنا لو جاز لنا تسليم هذا لوجه لبطل الفرق بين الصدق والكذب اللذين هما من الأضداد التي لا تجتمع بالكتاب والسنة والإجماع لا خلف في ذلك بين الأمة، لأنه إذا أمكن مثلا حياة زيد وموته في حال واحدة ثم سمعنا متنازعين قد اختلفا في ذلك، أحدهما يقول: أنه رأى زيدا يوم كذا حيا، والآخر يقول: إنه رآه وعانيه في ذلك الوقت الذي زعم الأول أنه فيه حيا ميتا، فكيف يجوز أن يحكم لأحدهما بالصدق والآخر بالكذب بل يجب على هذا أن يكونا صادقين. ثم لو ساغ ذلك لما جاز لنا أن نكذب من زعم أن هذا الشخص الذي يراه حيا ميتا لا يمكن ذلك لأن الله بزعمهم قادر أن يخلق شخصا حيا فيه روح، ميتا لا روح فيه، ثم حلف رجل بطلاق زوجته أنه رأى شخصا ما متحركا ساكنا في حال واحدة، هل كان يمكن القائل بصحة الوصف لله بالقدرة على جمع الأضداد أن يحكم علبه بطلاق زوجته إذا أخبر بما هو ممكن عنده في قدرة الله تعالى. وتجويز مثل هذا حماقة عظيمة وجحد لحجة العقل لا يحتاج إلى إطناب وكثرة شرح وإسهاب، فإن الخوض في الواضحات يزيدها غموضا.
Sayfa 75