ثم قوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا يقتضي أن من لم يكن فاسقا لا يتثبت في خبره وعدم فسقه لا طريق إليه إلا بالتزكية أو الخبرة بحاله والراوي المرسل عنه مجهول العين أصلا فلا تعرف عدالته فيتوقف فيه
وأما الإجماع فقد ادعاه جماعة منهم حتى قال محمد بن جرير الطبري لم يزل الناس على العمل بالمرسل وقبوله حتى حدث بعد المائتين القول برده يشير إلى الإمام الشافعي ﵁ قالوا أما عصر الصحابة فلا ريب في شيوع الإرسال منهم وإن لم يحصل نكير البتة على أحد ممن أرسل من الصحابة ﵃ الحديث عن النبي ﷺ ولم يقل لأحد منهم أبدا هل سمعت هذا من النبي ﷺ أو بينك وبينه واسطة بل روى كثير منهم الحديث الكثير مع العلم الشائع بينهم أنه لم يسمع كل ذلك منه ﷺ كابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير وساير الصغار من أصحاب النبي ﷺ ورضي عنهم حتى قيل إن ابن عباس لم يسمع من النبي ﷺ إلا أربعة أحاديث وقد روي له عن النبي ﷺ ألف حديث وستمائة وستون حديثا وهذا مما يعلم ضرورة أنه لم يسمع جميعها من النبي ﷺ وروى عائشة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وغيرهم أحاديث بدء الوحي والإسراء وغير ذلك مما لم يكن بالمدينة ولم يصرحوا بسماعهم له من النبي ﷺ بل وقد صرح بعضهم بأن في الذي يرويه ما هو مرسل كما تقدم من قول البراء بن عازب ﵁ ليس كلما نحدثكم به سمعناه من النبي ﷺ ولكن سمعنا وحدثنا أصحابنا ولم يكن
1 / 66