بعضنا يكذب بعضا وكذلك روي عن أنس ﵁ نحوه وهذا أبو هريرة ﵁ على كثرة ملازمته النبي ﷺ وتبحره فيما حفظ عنه روى حديث من أصبح جنبا فلا صيام له فلما روجع فيه قال سمعته من الفضل بن عباس وكذلك ابن عباس في حديث إنما الربا في النسيئة أرسله أولا ثم أسنده عن أسامة بن زيد إلى غير ذلك من الصور التي يطول ذكرها ولم ينكر عليهم أحد الإرسال أصلا فدل ذلك كله على اتفاق عصر الصحابة على قبول المرسل ولا ريب فيه
وأما التابعون فإرسالهم للأحاديث التي لا تدخل تحت الحصر مشهور شائع بينهم كابن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومن يطول الكلام بذكرهم ولم يكن روايتهم لها إلا للعمل بها وإلا فلو كانت لغوا لا تفيد شيئا ولا يحتج بها لأنكرها عليهم العلماء وبينوا أن إرسالهم الحديث يقتضي التوهين له وعدم الاحتجاج به فما أنكر ذلك عليهم نظراؤهم ولا من فوقهم وإنما أنكره من جاء من بعدهم
قالوا ولا يعترض على هذا بأنه يلزم منه أن يكون الخلاف في ذلك مردودا قادحا في المخالف لكونه خارقا للإجماع وذلك باطل لأن الخلاف في المرسل مقبول مسموع من قائله لا نجيب عنه بأن الخلاف المردود المقتضي للقدح إنما هو خرق الإجماع القطعي أما الإجماع الاستدلالي أو الظني فلا يقدح في خارقه وهو هنا بهذه المثابة لأنه إجماع سكوتي
والجواب عن ذلك كله إن دعوى الإجماع في ذلك باطل قطعا إلا في عصر الصحابة زمن النبوة وبعدها بيسير حين لم يخالط الصحابة غيرهم وذلك لا يرد على من لم يحتج بالمرسل وكذلك إرسال صغار الصحابة لما تقدم إن مثل هذا مقبول على الراجح المشهور الذي عليه جمهورالعلماء وإنه لم يخالف
1 / 67