عنه ولم يفرق بين المسند وغيره والأمر بالتبليغ لا بد له من فائدة وليست تلك الفائدة سوى العمل بما يبلغه الراوي إلى من بعده فلو كان بعض ما يبلغه الراوي وهو المرسل لا يعمل به لبينه ﷺ
واحتجوا أيضا بقوله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون قالوا فدلت الآية على وجوب تبليغ ما أنزل الله من البينات والهدى والعمل به والراوي الثقة إذا قال قال رسول الله ﷺ فقد بين وترك الكتمان فيلزم قبوله بظاهر الآية ولم يفرق بين المرسل والمسند
وبقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أو فتثبتوا والقاءتات متواترتات فلم يأمر الله تعالى بالتثبت أو التبيين إلا في خبر الفاسق فدلت الآية على أن العدل الثقة لا يجب التثبت في خبره وهذا المرسل عدل ثقة فيجب قبول خبره لأن الآية لم تفرق بين ما أسنده وبين ما أرسله
والجواب عن ذلك كله إن هذه الآية والأحاديث ليس فيها شيء عمومه لفظي بل هي أفعال مطلقة لا عموم لها والمطلق يصدق امتثاله بالعمل به في صورة وإن سلم عمومها من جهة المعتى وعدم التفرقة كما ذكروه فهي مخصوصة بالرواية عن المجهول العين اتفاقا كما إذا ذكر الراوي شيخه وقال لا أعلم عدالته أو سكت عنه بالكلية وقلنا بالراجح إن مجرد رواية العدل عن الراوي ليست تعديلا له وإنما خصت بهذه الصورة للجهالة والجهالة في صورة المرسل أتم لأن فيه جهالة العين والصفة ولأن من لا يعرف عينه كيف تعرف صفته من العدالة بخلاف تلك الصورة فإن فيها جهالة الصفة فقط فإذا خصت بتلك الصورة لزم تخصيصها في صورة الإرسال بطريق الأولى
1 / 65