وأما على ما قرره ابن الصباغ فعدم النقض ظاهر أيضا لأن المقصود إنما هو أن سكوت الفرع عن تسمية شهود الأصل لا يكون تعديلا لهم فكذلك الرواية فلا يرد على هذا افتراقهما في الاستدعاء وفي لفظ الأداء وغير ذلك
قال ابن عبد البر وأيضا لو جاز قبول المرسل لجاز قبول خبر مالك والشافعي والأوزاعي ونحوهم إذا أرسلوا عن النبي ﷺ ولو جاز ذلك فيهم لجاز فيمن بعدهم إلى عصرنا وبطل المعنى الذي عليه مدار الخبر انتهى كلامه
وهذا فيه إشارة الى بطلان القول المتقدم في قبول المراسيل من أهل هذه الأعصار وما قاربها والظاهر أن المسألة كالاجماعية وإنما حصل الوهم من إطلاق من قال من الأصوليين إذا قال غير الصحابي قال رسول الله ﷺ ونحو ذلك ولا شك أن قبول مثل هذا يرفع ما عليه الاتفاق في كل عسر من اعتبار الإسناد وتوقف الحجة بالخبر على عدالة ناقلية فالقول به منا بذ لهذا الاتفاق ثم إن كل ما تقدم من الأدلة وارد على هذا القول بالنسبة إلى كل طبقة من طبقات الرواة لأن الخلل في الإسناد إذا تطرق إليه من جهة الجهل براو واحد فكلما تعددت الجهالة قويت جهات الخلل وظهور فساد هذا القول غني عن الإطالة فيه والله ﷾ أعلم
الطرف الثاني في ذكر أدلة القائلين للمرسل المحتجين به والجواب عنها وهي نقلية وإجماعية على ما زعموا واستدلالية
أما النقلية فاحتجوا بقوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون قالوا فدلت الآية على أن الطائفة إذا رجعت إلى قومها وأنذرتهم بما قال النبي ﷺ أنه يلزم قبول خبرهم ولم تفرق الآية في الإنذار بين ما أسندوه وما أرسلوه ولا بين الصحابة والتابعين ومن بعدهم وكذلك قوله ﷺ بلغوا عني وقوله ليبلغ الشاهد منكم الغائب شمل المرسل والمسند لأنه ﷺ أمر بالتبليغ
1 / 64