ومن حفظه من المهاجرين ومن بقيت عليه السورة والسورتان من أصحاب الحروف، وجمال الوجوه، وكل ما قلنا مشهور معروف، وكذلك قال أبو ذر رحمه الله: (لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا وعندنا منه علم)، فكيف يجهل تأليف السور ومواضع الآي، أمة قد شهدت أول ذلك وآخره وقد اختارهم الله جل ذكره لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وليكونوا حجة كما قال جل ذكره: { ?وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } (¬1) وقد روى أصحاب الحديث الذين لا يبالون ما رووا على أصحابهم، أن القرآن كان مفرقا حتى جمعه أبو بكر الصديق، وروى آخرون أن الذي جمعه عثمان وإنهم أخذوا آية من هاهنا وأخرى من هناك، وأن الرجل كان يجيء بالآية، ويسأل عنها الشهود ثم يكتب، وأن زيد بن ثابت لما أمره عثمان بن عفان أن يكتبه في المصحف فقد آيتين حتى وجدهما عند رجلين من الأنصار.
وأن زيدا وغيره من الصحابة تولوا تأليف السور والآيات، وهذه أخبار مطعون عليها، ويقال إن الزنادقة قد دسوا الزيادات، والأحاديث في أحاديث الأمة، بل الأدلة قد قامت من طريق العقل أن السور كانت معروفة مؤلفة في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن القرآن قد كان فرغ من جمعه. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود: إقرأ علي، فقال عبد الله: أقرأ وعليك أنزل؟ قال أحب (¬2) أن أسمعه من غيري (¬3) فقرأ سورة النساء حتى إذا بلغ: ? { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } (¬4) ، استعبر رسول صلى الله عليه وسلم فكف
عبد الله.
¬__________
(¬1) البقرة: 143.
(¬2) في (ب) و (ج) إني أحب.
(¬3) في (أ) وغيري.
(¬4) النساء: 41.
Sayfa 38