أكدح لنفسك قبل الموت في مهل ... ولا تكن جاهلا في الحق مرتابا
إن المنية مورود مناهلها ... لابد منها ولو عمرت أحقابا
وفي الليالي وفي الأيام تجربة ... يزداد فيها أولو الألباب ألبابا
بعد الشباب يصير الصلب منحنيا ... والشعر بعد سواد كان قد شابا
يفني النفوس ولا يبقي على أحد ... ليل سريع وشمس كرها دابا
لمستقر وميقات مقدرة ... حتى يعود شهود الناس غيابا
ومن تعاقره الأيام تبدله ... بالجار جارا وبالأصحاب أصحابا
خلوا بروجا وأوطانا ومغتربا ... كسيت منه لطول النأي أثوابا
بموحش ضيق ناء محلته ... وليس من حله من غيبة آبا
كم من مهيب عظيم الملك متخذ ... دون السرادق حراسا وحجابا
أضحى ذليلا صغير الشأن منفردا ... وما يرى عنده في القبر بوابا
وقبلك الناس قد عاشوا وقد هلكوا ... فاضرب الحي عن ذي النأيي إضرابا
اللهم ارحم ذلنا يوم يقوم الأشهاد، وأمن خوفنا من فزع المعاد ووفقنا لما تنجينا به من الأعمال في ظلم الإلحاد، ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فصل
ثم اعلم أن للموت نذر، قال القرطبي: ورد في الخبر أن بعض الأنبياء قال لملك الموت: أما لك رسول تقدمه بين يديك يكون الناس على حذر منك، قال: نعم، لي والله رسل كثيرة من الإعلال والأمراض والهرم وتغير السمع والبصر والشيب.
فإذا لم يتذكر من نزل به ذلك ولم يتب ناديته إذا قبضته ألم أقدم لك رسولا بعد رسول وأنا النذير الذي ليس بعدي نذير.
قال بعضهم:
Sayfa 77