القسم الثالث: وهو الذي وفقه الله للاستعداد للموت والتأهب للقاء الله، فهذا لا يفارقه ذكر الموت كالمتنقل من محل إلى محل آخر أو كالمسافر من بلد إلى بلد ليقيم فيها.
فإنه لا يفارقه ذكر مقصده، وذلك لأنه يعلم أن ذكر الموت يطرد فضول الأمل، ويقطع المنى، ويهون المصائب، ويحول بين الإنسان والطغيان، ومن فوائد ذكر الموت أن يولد القناعة بما رزق، والرضا بالميسور، والمبادرة إلى التوبة.
والاعتناء بالوصية، والتخلص من حقوق الله وحقوق عباده، وترك التحاسد، والحرص على الدنيا، والابتعاد عن الكبر والعجب، ومن فوائد ذكره أنه يزيد النشاط في العبادة.
فعلى العاقل أن يكثر من ذكره، ولا يمهل نفسه، بل يصبح كل يوم على تقدير الاستعداد للرحلة؛ لأنه ما من وقت إلا والموت فيه ممكن، وهذا أمر متفق عليه.
والناس مختلفون في كل الأشياء إلا الموت فلا خلاف فيه، قال الله تبارك وتعالى: {كل نفس ذائقة الموت}.
Sayfa 76