فبينما أنا عنده جالس إذا دق الباب، فقال: يا صبية أخرجي، فانظري من هذا؟ فقالت: رسول محمد بن سليمان أمير البصرة، قال: قولي له يدخل وحده، فدخل فناوله كتابا فإذا فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن سليمان إلى حماد بن سلمة، أما بعد، فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته وقعت مسألة فأتنا نسألك عنها والسلام».
قال: يا صبية، هلمي الدواة، ثم قال لي: اقلب الكتاب (أي الورقة)، واكتب: أما بعد، وأنت فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته.
إنا أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحدا.
فإن كانت وقعت مسألة فأتنا واسألنا عما بدا لك.
وإن أتيتني فلا تأتني إلا وحدك ولا تأتني بخيلك ورجلك فلا أنصحك ولا أنصح نفسي والسلام.
فبينما أنا عنده دق الباب داق، فقال: يا صبية، أخرجي فانظري من هذا؟ فقالت: محمد بن سليمان.
قال: قولي له ليدخل وحده، فدخل فسلم، ثم جلس بين يديه.
فقال: مالي إذا نظرت إليك امتلأت رعبا.
فقال حماد: سمعت ثابتا البنان يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله عز وجل هابه كل شيء، وإذا أراد أن يكتنز به الكنوز هاب من كل شيء».
فقال: أربعون ألف درهم تأخذها تستعين بها على ما أنت عليه.
قال: ارددها على من ظلمته بها.
قال: والله ما أعطيتك إلا ما ورثته.
قال: لا حاجة لي فيها إزوها عني (أي أبعدها عني) زوى الله عنك أوزارك.
قال: فتقسمها، قال: فلعلي إن عدلت في قسمتها أن يقول بعض من لم يرزق منها لم يعدل إزوها عني ذوى الله عنك أوزارك. اه.
Sayfa 72