ذكرت به الموقف (أي موقف يوم القيامة) وشدة الأمر هنا ك وكل امرئ يومئذ تهمه نفسه يوم {لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا}.
كانت إحدى العابدات تقول: طوى أملي طلوع الشمس وغروبها، فما من حركة تسمع، ولا من قدم توضع، إلا ظننت أن الموت في أثرها.
وكانت تقول: سكان دار أوذنوا بالنقلة (أي اعلموا بالارتحال) وهم حيارى يركضون في المهلة كأن المراد غيرهم، أو التأذين ليس لهم، والمعني بالأمر سواهم.
آه من عقول ما أنقصها، ومن جهالة ما أتمها، بؤسا لأهل المعاصي، ماذا غروا به من الإمهال والاستدراج؟ بسطوا آمالهم، فأضاعوا أعمالهم ولو نصبوا الآجال وطووا الآمال خفت عليهم الأعمال.
وكانت تقول: لم ينل المطيعون ما نالوا من حلول الجنان ورضا الرحمن إلا بتعب الأبدان لله والقيام لله بحقه في المنشط والمكره.
وعن أبي سنان القسملي قال: سمعت وهب بن منبه، وأقبل على عطاء الخراساني، فقال: «ويحك يا عطاء، ألم أخبرك أنك تحمل علمك إلى أبواب الملوك وأبناء الدنيا؟ ويحضك يا عطاء، تأتي من يغلق عنك بابه، ويظهر لك فقره، ويواري عنك غناه، وتدع من يفتح لك بابه، ويظهر لك غناءه ويقول: {ادعوني أستجب لكم}.
ويحك يا عطاء، ارض بالدون من الدنيا مع الحكمة ولا ترض بالدون من الحكمة مع الدنيا، ويحك يا عطاء، إن كان يغنيك ما يكفيك فإن أدنى ما في الدنيا يكفيك، ويحك يا عطاء، إنما بطنك بحر من البحور وواد من الأدوية فليس يملؤه إلا التراب».
قال مقاتل بن صالح الخراساني: دخلت على حماد بن سلمة فإذا ليس في البيت إلا حصير وهو جالس عليه ومصحف يقرأ فيه وجراب فيه علمه ومطهرة يتوضأ منها.
Sayfa 71