تأمل يا أخي، كيف يؤثر في القلوب كلام المخلصين الذين لا يريدون الدنيا وعروضها، قال أبو الوفاء بن عقيل: لا يعمل الوعظ إلا من متقشف متزهد متورع في نظافة جسم (قلت: ونظافة قلب)، قال: فأما من يخرج بطينا فاخر الثياب مداخلا للأمراء فكيف تستجيب له القلوب إنما يسمع من هؤلاء على سبيل الفرجة، قلت: والانتقاد والاستهزاء والسخرية.
وكان حماد رحمه الله مشغولا بنفسه إما أن يحدث، وإما أن يسبح، وإما أن يصلي، كان قد قسم النهار على هذه الأعمال.
هم الرجال وغبن أن يال لمن ... لم يتصف بمعالي وصفهم رجل
جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقا من حاله ومعاشه واغتمام منه بذلك.
فقال له يونس: أيسرك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف، قال: لا.
قال: فسمعك الذي تسمع به يسرك به مائة ألف، قال: لا.
قال: فيداك يسرك بهما مائة ألف، قال: لا.
قال: فرجلاك، قال: فذكره نعم الله عليه.
فأقبل عليه يونس، فقال: أرى لك مئين أو لوفا وأنت تشكو الحاجة.
وجاءته امرأة بجبة خز، فقالت له: اشترها، فقال: بكم تبيعينها؟ قالت: بخمس مائة (500)، قال: هي خير من ذلك (يعني تسوى أزيد).
قالت: بستمائة (600)، قال: هي خير من ذلك، فلم يزل يقول هي خير من ذلك حتى بلغت ألفا (1000)، وقد بذلتها له بخمسمائة (500).
وكان يشتري الإبريسم من البصرة فيبعث به إلى وكيله وكان وكيله يبعث إليه بالخز (أي الحرير) فإن أخبر وكيله أن المتاع عنده زائد لم يشتر منهم أبدا حتى يخبرهم أنه زائد، لئلا يغتروا.
وإذا زاد عندهم المتاع قال لوكيله: أخبر من تشتري لنا منه أن الشيء زائد عندنا .
وكان يقول: لو أصبت درهما حلالا من تجارة لاشتريت به برا ثم صيرته سوقا ثم سقيته المرضى.
Sayfa 73