ويحصلَ الاستقلال بقتال العدو ودفعه، فإنْ قصَّر عددُ من هنالك، أو قوَّتهم عن دفاعهم؛ وجَبَ كذلك على كل من صاقبهم وقرُبَ منهم من المسلمين إعانتهم والنفير إليهم، ثم كذلك أبدًا إن غارّهم العدوُّ، حتى يعُمَّ الفرض جميع المسلمين، أو يقع الاستغناءُ من دون ذلك بمقاومتهم ودفعهم (١)، والدليل على صحة ذلك:
قوله -تعالى-: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢]، وقوله -تعالى-: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤١]، فمن ترك دفاع كافرٍ عن مؤمنٍ تثاقلًا من غير عذرٍ يُسْقط به عنه القيام، فقد ترك المعاونة على البرِّ والتقوى، وجعل للكافرين سبيلًا على المؤمنين، وقد نفى الله -تعالى- ذلك أن يكون من الشَّرع؛ ففعل ذلك معصيةٌ، وتعدٍّ لحدود الله -تعالى-.
خرَّج أبو داود (٢)، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول
_________
(١) ولا يجزيء فيه أحدٌ عن أحد، ولا يجب في هذه الحال استئذان العبد سيده، ولا الولد والده، ولا من عليه الدَّينُ صاحبه.
وانظر: «الأم» للشافعي (٤/٩١)، «الوجيز» للغزالي (٢/١١٤)، «بدائع الصنائع» للكاساني (٤٣٠٠)، «الإفصاح» (٢/٢٧٣) لابن هبيرة، «بداية المجتهد» (١/٣٩٧) لابن رشد، «تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام» لبدر الدين بن جماعة (ص ١٥٦)، «الاعتصام» للشاطبي (٣/٢٧- بتحقيقي) .
(٢) في «سننه» في كتاب الديات (باب أَيُقاد المسلم بالكافر؟) (رقم ٤٥٣١)، وفيه زيادة: «ويردُّ مشدّهم على مضعفهم، ومُتَسرِّيهم على قاعدهم» . وأخرجه في كتاب الجهاد (باب في السرية تردُّ على أهل العسكر) (رقم ٢٧٥١) وفيه زيادة -أيضًا-.
وأخرجه ابن ماجه (٢٦٨٥)، وأحمد (٢/١٩٢)، وابن الجارود (١٠٧٣)، والطيالسي (٢٢٥٨)، والبغوي (٢٥٣٢)، والبيهقي (٨/٢٩) من طرقٍ عن عمرو بن شعيبٍ، به.
وهو قطعة من حديث خطبة الفتح الطويل؛ أخرجه الترمذي (١٤١٣ و١٥٨٥)، وأبو داود (١٥٩١)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٥٧٠)، وأحمد (٢/١٨٠، ٢٠٥، ٢١٥، ٢١٦)، وابن ماجه (٢٦٥٩)، وابن الجارود (١٠٥٢)، وابن خزيمة (٢٢٨٠)، والبيهقي (٨/٢٩)، والبغوي (٢٥٤٢) .
... والحديث صحيح. انظر: «صحيح أبي داود» لشيخنا الألباني ﵀.
1 / 45