ثمانٍ مِنهنّ.
قال أبو محمد بن حزم (١): غزا رسول الله ﷺ بنفسه خمسًا وعشرين غزوة -ذكرها واحدةً واحدةً- أوَّلها: ودَّان، -وهي: الأبْواء-، وآخرها: غزوة تبوك، قال: وكانت له ﷺ بعوثٌ (٢) كثيرة جدًا.
ففي ذلك كلِّه أدلُّ دليلٍ على موالاة غزو الكفار مع الإمكان، وإن لم تَدْعُ إلى ذلك ضرورة.
وأما الحالة الثانية: حيثُ يتعين فرضُ الجهاد، فهو إذا أَظلَّ العدو بلدًا، أو جانبًا من ثغور المسلمين مُقاتلًا لهم، فيتعيَّن فرض الجهاد حينئذٍ على كل واحد ممَّن هنالك من المسلمين في خاصَّته، وعلى قدْرِ طاقته، إلى أن تقع الكفاية،
_________
= ٣٧١، ٣٧٣)، وعبد بن حميد (٢٦١) .
وعن البراء بن عازب قال: «غزا رسول الله ﷺ خمس عشرة غزوة» .
أخرجه أحمد (٤/٢٩٠، ٣٠١) من طريق الجراح -والد وكيع- عن أبي إسحاق، عن البراء.
وفي رواية عند البخاري (٤٤٧١)، وأحمد (٤/٢٩٢) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق عنه، قال: «غزوت مع النبي ﷺ خمس عشرة غزوة» . وهذا يفسر الرواية السابقة أن البراء غزا مع النبي ﷺ خمس عشرة غزوة، لا أن غزوات النبي ﷺ التي قاتل فيها والتي لم يقاتل فيها هي خمس عشرة غزوة، وإنما هي تسع عشرة غزوة، كما قال بريدة وزيد بن أرقم ﵄.
(١) في «جوامع السيرة» (ص ١٦) .
وأورد (غزوات النبي ﷺ) في ثَبَتٍ مستقلٍّ كل من الواقدي (٢-٨)، وابن حبيب (١١٠-١٢٥)، وابن الجوزي في «تلقيح الفهوم» (٢٢-٣٦)، وابن القيم في «زاد المعاد» (١/٦٦)، وأبي نعيم في «دلائل النبوة» (١٧٣)، وابن كثير في «السيرة النبوية» (٢/٣٥٢) .
وأوْرَدَتْها سائر كتب السيرة على التفصيل. وفي ترتيب هذه الغزوات اختلافٌ بين العلماء، وابن حزم أقرب أهل السيرة إلى ما اختار ابن هشام، إلا أنه جعل غزوة العشيرة رابعة في الترتيب، وجعلها ابن حزم -كما فعل ابن حبيب- ثالثة، وعَدَّ ابن هشام الغزوات سبعًا وعشرين، بينما عدَّها ابن حزم خمسًا وعشرين.
(٢) جمعها الدكتور بريك العمري في دراسته المنشورة في مجلدة بعنوان: «السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة» .
1 / 44