قال ابن المنذر: وهذا لايصح عن مكحول؛ لأن بين معمر وبين مكحول رجلًا. حدثناه إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن رجلٍ، عن مكحول: أنه قال ذلك (١) .
والقول الآخر: أن الجهاد نَفْلٌ. قال النَّحَّاس (٢): هو قول ابن عمر، وابن
_________
(١) أخرجه عبد الرزاق (٥/١٧٤ رقم٩٢٨١) عن رجل، عن مكحول. ثم قال عبد الرزاق: وسمعت الأوزاعي -أو: أخبرتُ عنه- أنه سمعه من مكحول.
وأخرجه أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٢٠٤ رقم ٣٨٢) -ومن طريقه الجصاص في «أحكام القرآن» (٤/٣١٢) - من طريق ابن جريج، قال: قال معمر: كان مكحول يستقبل القبلة ... إلخ، فلم يذكر رجلًا بين معمر ومكحول.
وكلام ابن المنذر المذكور لم أجده في كتبه المطبوعة إلى غاية تدوين هذه السطور، وهي: «الأوسط»، و«الإشراف»، و«الاقناع»، و«التفسير» .
وانظر: «أحكام القرآن» (٤/٣١١-٣١٢) للجصاص، «مصنف ابن أبي شيبة» (٥/٣٥١)، «تكملة المجموع الثالثة» (١٩/٢٦٩)، «فقه مكحول» (١٨١) .
(٢) في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٣٨) . وزاد: ومن حجتهم قول النبي ﷺ. رواه ابن عمر: «بني الإسلام على خمس.. الحديث» . وفيه أن رجلًا سأله فقال: ألا تغز؟ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: فذكر الحديث -وأصله في البخاري-. ثم قال: قال أبو جعفر -يعني نفسه-: وهذا لا حجة فيه؛ لأنه قد روي عن ابن عمر أنه قال: استنبطت ذلك، ولم يَرْفَعْهُ، ولو كان رَفْعُهُ صحيحًا لما كان فيه -أيضًا- حجة؛ لأنه يجوز أن يترك ذكر الجهاد ها هنا؛ لأنه مذكور في القرآن.. إلى آخر كلامه ﵀.
وانظر: «أحكام الجصاص» (٤/٣١٤)، «فتاوى البرزلي» (٢/٧) .
وذكر ابن أبي زيد القيرواني في «النوادر والزيادات» (٣/١٣) قال: وروى ابن وهب قال: قال نافع في تخلُّف ابن عمر عن الغزو ولزومه الحج: إنه إنما ترك الغزو لوصايا عمر، ولِصبْيةٍ وضَيْعَةٍ كثيرة لا يصلحها إلا التعاهد، وقد كان يُغزي بنيه، ويرى أن الجهاد أفضل الأعمال بعد الصلاة.
ومذهب سفيان الثوري، ذكره أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٢٠٥ رقم ٣٨٤) ولم يسنده؛ قال: وأما سفيان الثوري فكان يقول: ليس بفرض، ولكن لايسع الناس أن يجمعوا على تركه، ويجزئ فيه بعضهم عن بعض.
قال أبو عبيد -بعد أن ارتضى هذا القول-: وإنما وسعهم هذا للآية الأخرى، قوله: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] فإنه فيما يقال: ناسخة لفرض الجهاد. ا. هـ كلامه. =
1 / 29