وحمل الحديث إن كان الرجل فَهِمًا، فإن لم يكن سألته أن يخرج إلَيَّ أصله، ونسخته، أما الآخرون فلا يبالون بما يكتبون (١).
٥ - كما أودع ثمرة هذا كله في كتبه المختلفة التي ألفها في علوم الحديث والفقه، ومن أهم هذه المؤلفات: الجامع الصحيح، والمسند الكبير، والأدب المفرد، والتاريخ الصغير، والأوسط والكبير، والتفسير الكبير.
والجامع الصحيح، والتاريخ الكبير يدلان دلالة كبيرة على علمه الواسع بالرواية والدراية في علوم الحديث، والأول يدل على علمه بالفقه.
و"الجامع الصحيح" وإن لم يحص فيه جميع الأحاديث الصحيحة -كما سنعرف بعد قليل - وإنما انتقى فيه بعضها- أودع فيه مادة تدل على سعة علمه وحفظه.
وطبعي أنه لا يمكنه الاختيار والانتقاء، كما فعل في هذا الكتاب إلا إذا كانت عنده مادة حديثية كبيرة تمكنه من الاختيار والموازنة والمقارنة.
كما أثبت في هذا الكتاب اتجاهًا فقهيًّا قد يختلف كثيرًا عن الاتجاهات التي سبقته أو عاصرته، كما سنعرف إن شاء اللَّه تعالى.
وكتابه "التاريخ" فيه أكثر من اثنتي عشرة ألف ترجمة للرواة (٢) من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى عصره.
٦ - وشهادات أئمة المحدثين له -وما أكثرها- تحمل في طياتها مقدار علم الرجل وسبقه في ميادين علوم الحديث، سماه الإمام مسلم سيد
_________
(١) تاريخ بغداد (٢/ ٢٥).
(٢) ابن أبي حاتم (ص: ١٨٧).
مقدمة / 9