يطلق عليهم -في غالب الأحيان- ما يبين حالهم بشيء من الأدب، وبالعبارات المهذبة؛ فكثيرًا ما يقول في الرجل الذي يعرف كذبه: فيه نظر -تركوه- سكتوا عنه، وأصرح ما قاله في رجل: منكر الحديث (١).
قال ابن حجر:
وللبخاري في كلامه على الرجال تَوَقٍّ زائد، وتحرٍّ بليغ، يظهر لمن تأمل كلامه في الجرح والتعديل.
٩ - وكان يعتز بعلمه، ويرى أنه يجب على كل مستفيد أن يسعى إليه، ويَرِدُ إليه كل طالب يحتاج إليه، حتى لو كان هذا سلطانًا أو أميرًا، فهو لا يخشى في اللَّه ودينه لومة لائم.
بعث إليه أمير بُخَارَى يطلب منه أن يحمل إليه كتابي "الجامع الصحيح" و"التاريخ" ليسمعهما منه.
فقال الإمام البخاري للرسول: قل له: إني لا أُذِلُّ العلم، ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن كانت له حاجة إلى شيء منه فليحضرني في مسجدي، أو في داري، فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان، فامنعني من المجلس؛ ليكون في عذر عند اللَّه يوم القيامة: أني لا أكتم العلم (٢).
* ترجمة أبي العباس القرطبي:
١ - هو ضياء الدين أبو العباس أحمد بن عمر الأنصاري الأندلسي القرطبي، وعُرِفَ بابن المزيِّن.
_________
(١) المصدر السابق (ص: ٨١).
(٢) هدي الساري (ص: ٤٩٤).
مقدمة / 13