(ج) كان يخشى اللَّه أن يَقْدِمَ إليه وقد أساء إلى أحد من عباده، فأحسن معاملة الخلق وسار فيهم سيرة حسنة. يقول: لا يكون لي خصم يوم القيامة، فقيل له: إن بعض الناس ينقمون عليك التاريخ، يقولون: فيه اغتياب الناس، فقال: إنما روينا ذلك رواية، ولم نقله من عند أنفسنا، وقد قال رسول اللَّه ﷺ: "بئس أخو العشيرة"، وقال: ما اغتبت أحدًا قط منذ علمت أن الغِيبَةَ حرام (١).
(د) وأحسن صلته باللَّه تعالى فكان يدعوه فيستجيب له دعاءه. يقول: دعوت ربي مرتين فاستجاب لي، فلن أحب أن أدعو بعد، فلعله ينقص من حسناتي.
(هـ) وكان يرى أن نفس المرء عبء عليه ينبغي أن يزكيها بالصلاة والركوع للَّه رب العالمين، فعسى الموت أن يفاجئها فلا تجد ما تقدمه يوم الحساب، فكان يقول:
اغتنم في الفراغ فضل ركوع ... فعسى أن يكون موتك بَغْتَة
كم صحيح رأيت من غير سُقْمٍ ... ذهبت نفسه الصحيحة فَلْتَة
ونعى إليه أحد أحبائه فأنشد:
إن عشتَ تُفْجَعُ بالأحبة كلِّهم ... وبقاء نفسك لا أَبَالَك أفجع (٢)
(و) ولحرصه على نظافة لسانه من أن تدنسه كلمة قد لا تكون حقًّا كان في نقده للرجال لا يطلق على الكذابين ألفاظًا صريحة تدل على كذبهم، وإنما
_________
(١) المصدر السابق (ص: ٤٨١).
(٢) هدي الساري (ص: ٤٨٢).
مقدمة / 12