. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= حتى فَرَغ من وصيته، كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه الإِمام أحمد في "مسنده" عن معاذ، بسند رجالُه رجال الصحيح سوى راشد بن سعد وعاصم بن حُمَيد، وهما ثقتان، قاله الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٩: ٢٢.
وكان في جملةِ ما أوصاه به أن قال له: إياك والتنعم، فإنَّ عباد الله ليسوا بالمتنعمين. رواه الإمام أحمد عن معاذ بسند رجاله ثقات، كما في "مجمع الزوائد" للهيثمي ١٠: ٢٥٠.
ولم يزل على اليمن إلى أن قَدِمَ في عهد أبي بكر، وقد كان يفتي الناس بالمدينة في حياة أبي بكر كما كان يفتيهم فيها في حياة رسول الله ﷺ. ولما فُتحت الشام في خلافة أبي بكر، أراد معاذ الخروج إليها فمانع عمرُ في خروجه، وبعد أن خرج إليها كان عمر يقول: لقد أخل خروج معاذ بالمدينة وأهلها في الفقه وما كان يفتيهم به، ولقد كنتُ كلَّمت أبا بكر ﵀ أن يحبسه لحاجة الناس إليه فأبى عليَّ وقال: رجل أراد وجهًا يريد الشهادة في سبيل الله فلا أحبسه، فقلت: والله إن الرجل ليُرزَقُ الشهادة وهو على فراشه في بيته عظيمُ الغني عن مِصره.
وكان عمر يقول: عجزت النساءُ أن يلدن مثل معاذ بن جبل. ولولا معاذ لهلك عمر. وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: حدِّثونا عن العاقلَينِ العالِمينِ، فيقال: من هما؟ فيقول: معاذُ بن جبل وأبو الدرداء.
وتوفي معاذٌ في طاعون عَمَواس سنة ١٨ من الهجرة، وكان عُمره ٣٣ سنة، ودُفن في الغَوْر الشرقي في بَيْسان من الأرْدُن ﵁، وما يزال قبرُه معروفًا هناك يُزار.
أما تخريج الحديث الذي أورده القرافي فهو جزء من حديث طويل، رواه الإِمام أحمد في "مسنده" ٣: ١٨٤ و٢٨١، والترمذي في "جامعه" ١٣: ٢٠٣، وابن ماجه في "سننه" ١: ٥٥ واللفظ الآتي له، كلهم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "أرحَمُ أمَّتي بأمتي أبو بكر، وأشدُّهم في دين الله عمر، وأصدقُهم حياءَ عثمان، وأقْضَاهُم عليُّ بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أُبَي بن كعب، وأعلمُهم بالحلال والحرام معاذُ بنُ جبل، وأفرضُهم زيدُ بن ثابت. ألا وإنَّ لكل أمَّة أمينًا، وأمينُ هذه =
1 / 50