وهذا من غوامض ما قد ينكشف لبعض ارباب المعارف والحقائق الواصلين الى مرتبة الكشف والشهود بحيث قد صار كمالاتهم كلها بالفعل بل بلا انتظار منهم وترقب وبالجملة هذا مبنى على ارتباط جميع أجزاء العالم بعضها ببعض واتصاف كل منها بصفة الآخر على سبيل الإبدال. واتحاد الكل في الحقيقة والمآل. والله اعلم بحقائق عموم المدارك والمقال. والحمد لله على كل حال وصل آخر وبعد ما قد بلغت الكثرة غايتها وانتهت المخالفة نهايتها اظهر سبحانه مرتبتي النبوة والولاية كما أشرنا اليه بان خص بعض النفوس القدسية بالإلهامات الغيبية والإلقاءات الكشفية المعدة للنفوس الزكية لان ينزل عليها سلطان الوحدة الذاتية حسب شئونها وأوصافها وأسمائها وبعد ما قد نزلت الوحدة الذاتية عليها على وجهها وتمكنت فيها بذاتها وتشرفت هي بنزولها وورودها قد فنيت حينئذ هويتها الناسوتية في لاهوتية الحق بالمرة فمنهم من انجذب
إليها بالكلية ولم ينزل عن تلك المرتبة أصلا بل قد بقيت في عالم اللاهوت منخلعة عن البسة عالم الناسوت رأسا بلا شائبة التفات ورجوع منهم الى جانب عالم الناسوت ومقتضياتها أصلا الا وهم البدلاء الأمناء العرفاء الحائرون الهائمون الوالهون الواصلون الفانون الفائزون الباقون الدائمون التائهون الآمنون وهم هم تحت قباب عز الوجوب متمكنون. وعن لوازم الإمكان منسلخون. الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ومنهم من حاز كلتى مرتبتي الظاهر والباطن والغيب والشهادة والاولى والاخرى فاستقروا في مرتبة الخلافة والنيابة الإلهية واحاطوا عموم مراتب الملك والملكوت والناسوت واللاهوت والغيب والشهادة فاستحقوا بكمال التمجيد والتعظيم واختصوا بمزيد التربية والتكريم من لدنه سبحانه وكيف لا وهم قد تأيدوا من عنده سبحانه بالقوة القدسية والحدس الفطري والكشف الجبلي بتربية بعض الأسماء الإلهية إياهم وتقويته عليهم وتأييده إليهم فهؤلاء هم الأنبياء الأمناء الأصفياء الواصلون الى وحدة الذات المتمكنون في مقر الخلافة الإلهية والنيابة الحقيقية الحقية وبالجملة قد انتهت علومهم اللدنية وادراكاتهم الفطرية اللاهوتية الفائضة عليهم من العقل الكل المنشعب من حضرة العلم المحيط الإلهي الى مبدئها الأصلي ومنشأها الحقيقي وكذا عموم أعمالهم الصالحة المقبولة المرضية عند الله الفائضة عليهم من النفس الكلية المنشعبة من حضرة القدرة العلية الغالبة المحيطة الإلهية ايضا الى منشأها الأصلي ومبدئها الحقيقي وبالجملة قد انتهت عموم اوصافهم وأفعالهم ومواجيدهم وأحوالهم الى ما قد فاضت عليهم من المبدء الفياض وكيف لا وقد خلقهم الحق بأخلاقه بعد ما خلفهم عن نفسه وانابهم مناب قدس ذاته وبعثهم الى جميع خليقته وعموم بريته بالولاية المطلقة والدعوة العامة والهداية الكاملة والإرشاد التام الى وحدة ذاته وكمالات أسمائه وصفاته وأيدهم بأنواع الكرامات والارهاصات. والمعجزات الخارقة لمطلق الرسوم والعادات. وبوضع الملل والأديان والشرائع المنسوبة الى كل واحد منهم في زمان بعثته وأوان ظهوره وبروزه في أمته ومع ذلك قد خص المرسلين منهم بانزال الكتب والصحف المشتملة على الأخلاق الحميدة الإلهية وسننه السنية وشيمه العلية وخصاله المرضية الجملية المأمورة لهم من لدن حكيم عليم" واعلم" ان بعض ارباب المشارب والأذواق الصحيحة قدس الله أسرارهم قد وجدوا لبعض الأوصاف والأسماء الإلهية مزيد تربية واختصاص بالنسبة الى بعض من المنقطعين نحو الحق بالكلية بتوفيق من لدنه وجذب من جانبه ولهذا ترى بعض المرشدين المكملين يرشدون بعض ارباب الطلب والارادة المسترشدين منهم في أوائل أوان طلبهم وارادتهم باسماع أمهات الأوصاف والأسماء الذاتية الإلهية وتلاوتها عليهم وقراءتها عندهم على تؤدة وطمأنينة تامة وترتيل كامل ليتفرسوا منهم كمال المناسبة والاختصاص
1 / 9