أوصاف الكمال ونعوت الجلال إذ لولا تنبيه الحق وإرشاده وهدايته سبحانه إياهم الى وحدة ذاته ووجوب وجوده وكمالات أسمائه وأوصافه لما تيسر لهم الاطلاع والوقوف على ذاته سبحانه أصلا مثلا لو فرض بقاء شروق الشمس واضاءتها ازلا وابدا على هذا المنوال بلا طريان افول وزوال.
وتعاقب ظلمة وليال. من انى يعلم ان الأنوار والأضواء المحسوسة قد صدرت منها ومن جملة خواصها وأشعتها ولمعانها وشمس الحقيقة الحقية ازلا وابدا على شئونها ولمعانها الذاتية بلا تعاقب افول وطريان تغير وتحول أصلا. وبالجملة لولا ارشاد الحق لعباده الى وحدته الذاتية لصاروا محجوبين منه ومن معرفته ازلا وابدا ولا يهتدون اليه سبيلا أصلا فاقتضت الحكمة الإلهية وضع الطرق والسبل الموصلة الى وحدة ذاته ووجوب وجوده واستقلاله فيه وتوحده في ألوهيته وتفرده في ربوبيته والى سريان سر وحدته الذاتية على ذرائر عموم مظاهره ومجاليه المتكثرة وانبساطه عليها حسب شئونه وتطوراته المترتبة على أوصافه وأسمائه الذاتية المنوطة على تشعشع تجلياته المتجددة دائما بحسب الكمالات الذاتية والنشآت الحبية اللازمة للوجود المطلق المنزه عن وصمة عموم الفتور والفطور. المعرى عن سمة مطلق النقص والقصور. بل يتلألأ دائما على شئون الكمال ازلا وابدا بلا انقضاء وزوال وبلا انصرام وانخرام فيترتب ازلا وابدا دائما مستمرا على نشآته وشئونه الآثار والأمثال. ويتراءى منها على الدوام العكوس والاظلال. فوضع سبحانه حسب حكمته المتقنة مراتب النبوة والرسالة والولاية المطلقة فيفرع عليها الايمان والعرفان والكشف والعيان الى غير ذلك من الحالات العلية والمقامات السنية الواردة لأرباب القلوب الصافية ويظهر ايضا في مقابلة هذه المراتب المذكورة مراتب نقائضها وأضدادها فتكثرت الشئون والنشآت وتشعبت الصور والآثار واختلفت الآراء والأفكار وتزاحمت الطرق والمذاهب وتخالفت الملل والأديان وانقلبت الأطوار والمشارب. وبالجملة قد تحزب نوع الإنسان المجبول على فطرة الدراية والشعور والمعرفة والايمان أحزابا مختلفة وتفرقوا فرقا شتى متخالفة وبالجملة قد بلغت الكثرة غايتها والخلاف والاختلاف نهايتها لذلك اقتضت الحكمة العلية الغالبة الإلهية ثانيا ايضا بوضع النشأة الاولى والاخرى فوضع في الاولى ما وضع من طرق التكاليف المشتملة على الأوامر والنواهي والمندوبات والمحظورات والمكروهات والمستحبات ومطلق المعروفات والمستحسنات الشرعية ومكروهاتها ومستقبحاتها الموضوعة بالوضع الإلهي المثبتة في الكتب المنزلة على الأنبياء والرسل وفي الاخرى التي هي دار المكافاة والمجازاة عن عموم ما جرى في النشأة الاولى كل لنظيرها او نقيضها فوضع سبحانه حسب حكمته المتقنة وفاقها وطباقها ما وضع بمقتضى العدل الإلهي والقسط الحقيقي من الجنة والنار والثواب والعقاب والسؤال والحساب ومطلق الدرجات الجنانية والدركات النيرانية وعموم المعتقدات الاخروية الجارية فيها بالوضع الإلهي ثم اعلم ان مطلق العوالم والنشآت الكلية الإلهية مثل الغيب والشهادة والملك والملكوت والاولى والاخرى وعالم الحس وعالم الخيال وعالم الأمر وعالم المثال وعالم الأشباح وعالم الأرواح وغير ذلك من العوالم والنشآت المحيطة والشئون المحتوية الكلية بل عالم السموات وعالم الأعيان الثابتات وعالم الطبائع والأركان قد يتمثل ويتصور في احد النظيرين او النقيضين منها ما في النظير او النقيض الآخر من الصور والأمثال. والهياكل والأشكال. بصور وهيآت متطابقة متوافقة لها في الحقيقة والمآل. متخالفة بحسب الصورة والحال. فيؤثر ما في احد العالمين في ما في العالم الآخر ويتأثر هو منه بناء على ارتباطات رقيقة ومناسبات دقيقة لا يعلمها الا هو وصور الرؤيا وتعبيراتها ايضا منها
1 / 8