بالنسبة الى بعض الأسماء وأشعروا منهم زيادة تأثرهم وانفعالهم عنه وقبول الأثر منه وبعد ما قد تفرسوا منهم ذلك بالنسبة الى اسم معين وصفة مخصوصة معينة قد ارشدوهم بها وامروهم بتكرارها وتذكارها الى ان قد أحاط بهم أثرها وتمثل عندهم ذلك الاسم والوصف بهيكل ملك ينزل على قلوبهم ويوحى إليهم من المغيبات اللاهوتية وبعد ما قد أتموا امر هذا الاسم ارشدوهم باسم آخر وهكذا الى ان يستوفوا جميع أمهات الأسماء والأوصاف الإلهية على وجهها وحينئذ تمكن في مقر الخلافة والنيابة والولاية المطلقة وصار ما صار بلا سترة وحجاب فحينئذ امروهم وأجازوا لهم بالإرشاد والتكميل ثم اعلم ان العوالم الكلية التي وقع مجالي لتجليات الحق وشئونه الذاتية ومظاهر وآثارا لأوصافه العلية وأسمائه السنية أجل من ان يحيط بها الآراء. او يضبطها العقول والأهواء. بل لا نهاية تحيطها ولا غاية تحصرها أصلا فمن وصل منها الى ما وصل فقد حصل دونه وصدقه وتحقق عنده ومن لم يصل اليه ولم يذعن به ولم يحصل عنده لا بد له ان لا يبادر الى نفيه وإنكاره بل ان يؤمن به ويذره في فضاء الوجود وسواد شئونه وتطوراته المتواردة عليه الى ما شاء الله وما يعلم جنود ربك الا هو وبالجملة ليس الشعور والاطلاع على شئون الوجود وتجليات الحق ونشآته الذاتية وآثار أسمائه وصفاته الغيبية منحصرا بطرق الإدراكات الرسمية والعلوم العادية بواسطة القوى والآلات الطبيعية
والمدارك الحسية او العقلية او الوهمية او الخيالية بل طرق العلوم اللدنية والإدراكات الحضورية والوجدانيات الفطرية والحدسيات الجبلية غير متناهية مثل المعلومات والمدركات الإلهية التي ذكرت بل لكل فرد فرد من افراد الإنسان بل لغيره من الحيوانات العجم بل لسائر المولدات وعموم المركبات من السماويات والأرضيات ومن الممتزجات الكائنة بينهما بل لعموم الذرائر والهباآت المتطايرة في عالم الشهود والفطرات المتتالية في بحر الوجود المترشحة منها على تعاقب الأزمان والعهود طرق اطلاع وشعور شتى وسبل عثور وإدراكات لا تكاد تتناهى كلها منتشئة منشعبة من العقل الكل المنشعب من حضرة العلم المحيط الإلهي وبعد ما ثبت ان العوالم الكلية غير منضبطة وغير متناهية وغير محدودة أصلا وان طرق الشعور والإدراك ايضا كذلك فكيف يسع لاحد ان ينفى ما لم يحط به علما وبالجملة من وصل الى سعة قلب الإنسان المصور بصورة الرّحمن واطلع على فسحة فضاء صدره الذي لا يقدر وسعته بمطلق المقادير أصلا قد انكشف بكثرة مظاهر الحق ومجاليه وعدم تناهيها حسب سعة قلبه وفسحة صدره فحينئذ لا يتأتى منه النفي والإنكار أصلا فلك ان تستحضر وتتذكر ما قال سلطان العارفين وبرهان الواصلين أنال الله براهينه وقدس الله اسراره مشيرا الى سعة قلب الإنسان لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس وقد قال ايضا رأس الموحدين ورئيس المحققين محي الملة والدين قدس الله اسراره ورضى عنه وأرضاه مبالغا لو أن ما لا يتناهى وجوده قدر انتهاء وجوده في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس والحديث القدسي الذي اخبر به سبحانه حبيبه ﷺ مشيرا الى سعة عرشه وفسحة مجلاه بقوله لا يسعني ارضى ولا سمائي بل يسعني قلب عبدي المؤمن يغنيك عن كلا القولين المذكورين وبالجملة القلب الذي قد وسع الحق فيه لا يكتنه وسعته مطلقا ولا يدرك به ولا يحاط بفسحته أصلا ومن وصل اليه وحصل دونه لم يبق له مجال انكار وجدال جعلنا الله ممن وصل اليه وحصل دونه بمنه وجوده ثم اعلم ان مفتاح عموم الأسماء الإلهية والصفات الذاتية والفعلية انما هي صفة الحياة الازلية الابدية للوجود المطلق ومن لوازمها القيومية السرمدية والديمومية المطلقة الحقيقية الحقية والحي الحقيقي لا بد ان يكون واجب الوجود دائم التحقق والثبوت متصفا
1 / 10