177

Falak Dair

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

Soruşturmacı

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Yayıncı

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Yayın Yeri

الفجالة - القاهرة

يورد على مقدمتين ونتيجة. قال وقد كان ابن سينا ينظم الشعر ولا يرتبه عند إفاضته في صوغه بالأصالة؛ لأنه لم تخطر المقدمتان والنتيجة له ببال، ولو أنه استحضر المقدمتين والنتيجة، ثم أتى بالنظم والنثر بعدهما لم يأت بشيء ينتفع به، وإنما هذه فقافع وألفاظ طول القوم بها كتبهم١.
أقول: هذه جناية عجب الإنسان بنفسه، وذلك أن الإنسان يدعوه فرط اعتقاده في نفسه، وشغفه بما يخطر له أن يتكلم على قوم لا يعرف أقوالهم، ولا يحصل معنى اصطلاحاتهم، فضلا عن أن يبلغ رتبتهم، ويترقى في درجتهم، إلى أن ينقض عليهم، فيقع هذا الموقع.
وليس مراد القوم بالشعر ما يتوهمه.

١ ملخص من المثل السائر ٢/ ٥ قال ابن الأثير: اعلم أن المعاني الخطابية قد حصرت أصولها، وأول من تكلم في ذلك حكماء اليونان، غير أن ذلك الحصر كلي لا جزئي، ومحال أن تحصر جزئيات المعاني وما يتفرع عليها من التفريعات التي لا نهاية لها ... ولقد فاوضني بعض المتفلسفين في هذا، وانساق الكلام إلى شيء ذكره لأبي علي بن سينا في الخطابية والشعر، وذكر ضربا من ضروب الشعر اليوناني، وقام فأحضر كتاب الشفاء لأبي علي ووفقني على ما ذكره، فلما وقفت عليه استجهلته، فإنه طول فيه وعرض، كأنه يخاطب بعض اليونان، وكل الذي ذكره لغو لا يستفيد به صاحب الكلام العربي شيئا.
ثم مع هذا جميعه فإن معول القوم فيما يذكر من الكلام الخطابي أنه يورد على مقدمتين ونتيجة، وهذا مما لم يخطر لأبي سينا ببال فيما صاغه من شعر وكلام مسجوع، فإن له شيئا من ذلك في كلامه، وعند إفاضته في صوغ ما صاغه لم تخطر المقدمتان والنتيجة له ببال. ولو أنه فكر أولا في المقدمتين والنتيجة، ثم أتى بنظم أو نثر بعد ذلك لما أتى بشيء ينتفع به، ولطال الخطب عليه.
بل أقول شيئا آخر: وهو أن اليونان أنفسهم لما نظموا ما نظموه من أشعارهم لم ينظموه في وقت نظمه وعندهم فكرة في مقدمتين ولا نتيجة، وإنما هذه أوضاع توضع، وتطول بها مصنفات كتبهم في الخطابة والشعر، وهي كما يقال فقاقع ليس لها طائل، كأنها شعر الإبيوردي.

4 / 191