رجال الحرب ويا لها من رجال، واشتدّت به الأوجال، وقال فلم يسمع له مقال، استقال وحقّ له أن استقال، وسيّر إلى مولانا السلطان يطلب منه الكرك وما فيها وهي جملة كبيرة. وكان والده الملك الظاهر قد ادّخرها هنالك وهي قريب الألف ألف دينار، فأجابه معلما أنه لم يكن ثمّ رغبة في الملك، ولا ضميرا مفسودا (^١) يقضي له بالهلك. بل دفعا لضرر حاشيته، وطلبا للسلامة من أذى غاشيته، الذين استولوا على عقله، وحملوه على ما لا يليق في حقّ مثلهم من مثله.
وكان الملك السعيد عندما حلّ بالقلعة قد كسّر أقفال الخزائن وأخذ منها جملة كبيرة، وفرّقها على مماليكه ليحصل عليها عند الخروج. فلمّا أذن له في الخروج جرّد مولانا السلطان من قعد على باب القلعة، وتتبّع الخارجين مملوكا مملوكا، وأخذ من كلّ منهم ما كان معه من الذهب عارية وإن / ٢٦ أ / ظنّ أنه مملوكا.
وخرج الملك السعيد بعد أن أخذت علائمه بخطّه إلى كلّ قلعة في درج أبيض، ليكتب على خطّه بتسليمها.
وحرج الملك السعيد إلى الكرك، وعلى يده كتب بتمكينه منها (^٢).
[سلطنة الملك العادل سلامش]
وطلع مولانا السلطان (إلى) (^٣) القلعة بنيّة الوفاء، وتدارك مرض القلوب الوجلة بالشفاء (^٤). ونزل بدار النيابة، وأعمل رأيه الذي ما زال مقرونا بالإصابة. فرأى إقامة بدر الدين سلامش ولد الملك الظاهر عوض أخيه، وأن يقوم بشرط عهده فيه ويوفيه. إذ وضح العذر في خلع أخيه المذكور، وقصوره عن الملك باستيلاء حفدته على ما يتعلّق به من سائر الأمور. فأقيم ولقّب بالملك العادل،
_________
(^١) الصواب: «ولا ضمير مفسود».
(^٢) أنظر: النور اللائح ٥٧، والدرّة الزكية ٢٢٩، وذيل مرآة الزمان ٤/ ٤، ٥، والمختصر في أخبار البشر ٤/ ١٢، ونهاية الأرب ٣٠/ ٣٩٧، ٣٩٨، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٢٢٦، ٢٢٧، والبداية والنهاية ١٣/ ٢٨٧، وعيون التواريخ ٢١/ ٢٢١ - ٢٢٣، والسلوك ج ١ ق ٢/ ٦٥٢ - ٦٦٥، وعقد الجمان (٢) ٢١٥ - ٢٢٢، والنجوم الزاهرة ٧/ ٢٦٧ - ٢٦٩، وتاريخ ابن سباط ١/ ٤٦٩، وبدائع الزهور ج ١ ق ١/ ٣٤٥، ٣٤٦.
(^٣) عن الهامش.
(^٤) في الأصل: «الشفى».
1 / 50