وركّب بشعار الخلافة. وكان عمره إذ ذاك أحد عشر (^١) سنة. فأنف الأمراء الكبار النضال لصغر سنّه، وأبوا إلاّ أن يكون مولانا السلطان لسدّ هذه الثلمة، إذ فنّ الملك من أكبر فنّه. فامتنع عليهم، ولم يمدّ يد مبايعته إليهم، وقال: أنا أتولّى أمر أتابكيّته، وأكون كفيله في رعيّته / ٢٦ ب / فقالوا: هذا أمر لا يغني عنّا عنا، ولا بدّ أن تكون وليس نرى كالآباء إبنا. والبركة مع الأكابر، والصغار والذّلّ في رأي الأصاغر. وما نأمن أن تقوى شوكة مماليك أبيه فيتعذّر علينا قطّها، وتعلو (^٢) رتبته بالتمكين فيصعب علينا حطّها. فصمّموا، وعن سماع العذر تصامموا، وأبوا إلاّ أن يكون سلطانهم الذي له يدينون. وتألّبوا وتوثّبوا، واجتمعوا وتجمّعوا.
[سلطنة المنصور قلاوون]
فلما رأى عينها منهم، ورأى مشاهدة لا من روى عنهم، وافق حسما لمادّة الفتن التي أقبلت قطعها كقطع الليل، وجاءت كالسيل، وكادت أن تلحق الخيل بالخيل. وشرط عليهم شروطا ودخلوا تحتها، وألزمهم آدابا نجزها معهم وبتّها.
وفي أثناء ذلك طلبني - خلّد الله سلطانه - وقد انتقل إلى دار الملك السعيد (التي) (^٣) بقلعة الجبل، وفتح في أبوابها شبّاكا صار يجلس فيه للأتابكية، ونجلس من خارجه على مساطب نوقّع بين يديه. فحضرت إليه في القاعة المذكورة خلوة، وأمرني سّرا أن أكتب أسماء ملوك متعدّدة، فأبيت وقلت: كيف يمكن / ٢٧ أ / أن تكتب أسماء ملوك بقلعة ملك مستقّر الملك، وهذا لا يمكن. فعزّت عليه - خلّد الله ملكه - مخالفتي لأوامره، وتغيّر، وأمرني بالخروج، فخرجت من بين يديه، وقد عزّ عليه. ولحقني الأمير ركن الدين أباجي أمير حاجب واستوقفني، فقلت: ما يمكن أن أكتب إلاّ بحضور أمراء الحلّ والعقد، فعاد وشاوره، فأحضروا، وحضرت وكتبت، فأخذ القلم من يدي بعد التشاور، وعلّم على «المنصور»، ثم انفصلت عنه، وكتمت الأمر عن رفقتي إلى أن ظهر سلطانه، وقام بالدليل برهانه.
كه زنبى مهرى حيدر زنبى روسيهم ... ميز ندروز وشبان برمر خود جامن سم (^٤)
_________
(^١) الصواب: «إحدى عشرة».
(^٢) الصواب: «تعلوا».
(^٣) عن الهامش.
(^٤) شعر فارسي.
1 / 51