ومن هذا الباب قول جران وذكر اجتماعه مع نساء كان يألفهن [طويل]
ذهبن بمسواكي وقد قلت إنه
سيوجد هذا عندكن فيعرف
يظن من لا يعرف هذا الخبر أنهن سلبنه المسواك فاعتد عليهن وأخبرهن أنه سيوجد عندهن ويعرف لقدر المسواك عندهن وعنده ولأن الأعراب أنظر قوم في التافه الحقير الذي لا خطر له وكيف يظن به وبهن هذا وبلد نجد مستحلس بضروب من شجر المساويك لا تحصى فكيف يبخل على نساء يهواهن بعود وهو يصطلي به ويختبز ويطبخ بشجره ومتى احتاج إلى مسواك منه لم يتكلفه بثمن ولم يبعد في طلبه؟ والمعنى أن نجدا تختلف منابته فمنه ما ينبت الإسحل ومنه ما ينبت الأراك ومنه ما ينبت البشام فأهل كل ناحية منهم يستاكون بشجر بلدهم وكان جران العود معروفا بهؤلاء النساء يزورهن على حذر من مزار بعيد وهو يستن من الشجر ما ينبت في بلده ولا ينبت في بلدهن فلما أخذن سواكه ليتذكرنه ويسترحن إليه كما يفعل المتحابون قال إن هذا سيوجد عندكن وإذا وجد علم أنه مما ينبته البلد الذي أسكنه فاستدل به على زيارتي إياكن.
[1.5.6]
ويقصد لقول القائل [طويل]
أيا بنة عبد الله وابنة مالك
ويا بنة ذي البردين والفرس الورد
فيتضاحك بالشعر ويستهزئ بالبردين والفرس الورد ويعارض ذلك بملوك فارس وأسرتها وتيجانها وبأن أبرويز ارتبط تسعمائة وخمسين فيلا على مرابطه وبلغت مخدته التي كان يشرف بها على الداخل عليه ألف إناء من الذهب وخدمته ألف جارية وقد جهل هذا معنى الشعر وأخطأ في المعارضة وفخر بما ليس له فيه حظ ولا نصيب.
[1.5.7]
أما معنى الشعر فإن أبا عبيدة ذكر أن وفود العرب اجتمعت عند النعمان بن المنذر فأخرج بردي محرق وهو عمرو بن هند وقال ليقم أعز العرب قبيلة فيأخذهما فقام عامر بن أحيمر بن بهدلة فأخذهما فاتزر بواحد وارتدى بآخر فقال له بم أنت أعز العرب؟ فقال العز والعدد من العرب في معد ثم نزار ثم في مضر ثم في خندف ثم في تميم ثم في سعد ثم في كعب ثم في عوف ثم في بهدلة فمن أنكر هذا من العرب فلينافرني فسكت الناس فقال النعمان هذه عشيرتك كما تزعم فكيف أنت في أهل بيتك وفي بدنك؟ فقال أنا أبو عشرة وعم عشرة وخال عشرة يغنيني الأكابر عن الأصاغر والأصاغر عن الأكابر فأما أنا في بدني فهذا شاهدي ثم وضع قدمه على الأرض وقال من أزالها من مكانها فله مائة من الإبل فلم يقم إليه أحد من الناس فذهب بالبردين فسمي ذا البردين. قال الفرزدق [طويل]
فما تم في سعد ولا آل مالك
غلام إذا ما قيل لم يتبهدل
Bilinmeyen sayfa