ومن كان من اهل ظلمة الباطل ، وسم بسواد اللون وكمده ، اسودت صحيفته ، واحاطت الظلمة من كل جانب.
قالوا : والحكمة في ذلك أن تعرف اهل الموقف كل صنف ، فيعظموهم ويصغروهم بحسب ذلك ، ويحصل لهم بسببه مزيد بهجة وسرور ، او ويل وثبور.
وايضا اذا عرف المكلف في الدنيا انه تحصل له في الاخرة احدى الحالتين ، ازدادت نفسه رغبة في الطاعات وحرفا عن السيئات.
والتحقيق في ذلك : ان الهيئات والاخلاق الحميدة انوار ، والملكات والعادات الذميمة ظلمات ، وكل منها لا يظهر اثاره الا بعد المفارقة الى الاخرة ، فابيضاض الوجوه عبارة عن آثار تلك الانوار ، واسودادها عبارة عن آثار تلك الظلمات ، اعاذنا الله منها.
ولنا في ذلك رسالة مفردة ، قد فصلنا القول فيه ، فليطلب من هناك.
* والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون . [ الآية : 135 ]
الاصرار من الصر ، وهو الشد والربط ، ومنه الصرة ، ثم اطلق على الاقامة على الذنب من غير استغفار ، كأن المذنب ارتبط بالاقامة.
والمشهور ان الكبيرة نفس الاصرار على الصغيرة المصر عليها ، تصير بالاصرار كبيرة ، فمعنى لا صغيرة مع الاصرار انه لا اثر لها في ترتب العقاب ، بل العقاب معه يترتب على نفس الاصرار الذي هو من الكبائر ، فكأن الصغيرة
Sayfa 84