وفي الجواهر السنية : لما كانت الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها أينما وجدها ، وأبرك يوم عنده ما أحرز فيه مسالة واستفادها أو أفادها ، وكان من أجلها علم الكيمياء الذي لم يسمح بمثله الزمان ، إذ هو أساس لعلم الشفاء ، ومعالجة الأبدان فهو له كالأم وعلم الطبيعة كأبيه ، ولا ينكر ذلك إلا جاهل سفيه ، لم لا وبه يعرف تحليل الأجسام وتركيبها وتقطير الأملاح وتبلور(1) الأملاح وتذويبها وتأكسيد(2) المعادن واستحضار الغازات ، وتجهيز الحوامض(3) والأملاح ومنافع الفلزات(4)وبه تتميز السموم من غيرها من الاستحضارات ، ولا تتم مهارة الطبيب إلا به ويدرك خطؤه من صوابه ، كان الواجب على العاقل أن يتلقاه ولو من غير أهل الإسلام حيث لا يجد فيه ما يخالف شريعة سيد الأنام .
وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ( أعلم الناس من يجمع علم الناس إلى علمه وكل صاحب علم غرثان ) ، وأنت ترى عند التحقيق أن الحكمة هي العلم ، فتأمل يا مسكين شرف العلم ، فإن الله عز وعلا سماه الخير الكثير ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) والتنكير للتعظيم وسمى الدنيا بأسرها قليلا { قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا } ( النساء / 77) وذلك أن الدنيا متناهية العدد متناهية المقدار ، متناهية المدة ، والعلوم لا نهاية لمراتبها ولعددها ولمدة بقائها والسعادات الحاصلة منها .
واعلم أن كمال الإنسان في شيئين : أن يعرف الحق لذاته ،والخير لأجل العمل به ، فمرجع الأول إلى العلم والإدراك المطلق ، ومرجع الثاني إلى فعل العدل والصواب ، قال بعض المفسرين في قول أبينا إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - : { رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين } الحكمة النظرية ( وألحقني بالصالحين ) الحكمة العملية . والله ولي التوفيق .
Sayfa 74