ثم أنا بعد ذلك ركبنا إلى الصيد وكان معنا فصاد أخضر وديرجا ودخل إلى الرمل فصاد كروانة وصاد الباشق كروانين ونزلنا إلى الابليز فرأينا قطعة كراكي فذكرت اسم الله تعالى ورميته عليها. فدخل إلى الأقرع منها فحمله، وجاء به إلى الأرض فغدوت إليه وأشبعته عليه، ولم أر في المدة التي لزمت فيها الصيد، ومبلغها عشرون سنة، إلى أن صنفت كتابي هذا في علم البيزرة، مثل هذا البازي على كثرة ما رأيت منها إلا خمسة بزاة كانت تصيد الكراكي وهذا سادسها.
ولقد وصل إلينا في ليلة واحدة مائة باز من الشرق والغرب وكم تراه أن يصل في كل سنة منها ومن غيرها محمولا إلى مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه. مما لم يحمل إلى ملك قبله كثرة وجوده وكل ذلك أتولى تدبيره وأمارس تضريته والاصطياد به، وإذا كان هذا الفعل مستكثرا من بازي في طول هذه المدة حتى صار مستطرفا غريبا في جنسه عند من شاهد منها الكثير فحسبك.
وقد ذكرنا أن البواشق تفعل مثل هذا دائما (وهو) غير مستكثر منها ولا نادر فيها لأنها تصيد الغربان السود والبقع والمكاحل والبيضانيات والخضر والغر، والبازي أشد من الباشق شوكة، وأقوى جسما، وإذا كان الباشق يصيد ما يصيده البازي فقد وجبت له الفضيلة على البازي، ووضحت حجتنا في تقديم البواشق لما شاهدناه منها ولا شبهة على متأمل في صحة ما ذكرناه.
ولقد كان لنا باشق مقرنص جبل له من الفراهة على طير الماء ما يجوز الوصف، وذلك أنه يكون على يد مولانا صلى الله عليه فيمر به إناث الخضر من طير الماء، مدلاة الأرجل لتقع في الماء، فيرميه صلى الله عليه عليها عراضا، ويضع له الطبول فيدخل إليها فيصيدها، وهذا
Sayfa 69