من أحسن ما يكون، فبهذا الفعل وأشباهه وجب أن نقدمه على البازي إذ كان في الصحراء لا يصيد إلا العصافير فإذا نقل إلى هذه الطرائد العظيمة أتى فيها بالبدع.
وقد كان سبيل البازي وهو ملك الجارح أن يتزايد صيده أضعافا، ليكون بالفضيلة أخص، لأن الفضيلة في هذا الحيوان لا تكون إلا بأفعاله وخواصه. وقد كان يجب إلا تخرج السنة أو يتقرنص من البزاة على التقليل خمسة على الكركي. وقد ذكرنا كيف تضرى مذ تكون وحشية إلى أن تصيد وتبلغ النهاية، ونحن نذكر ما تحتاج إليه في القرنصة مبينا إن شاء الله.
ولقد كان عندي بازي طريف، ومن طرافته أنه كان بطال المطعمة، فأصلحت له مطعمة من ذهب يشد عليها بخيط إلى ساقه، فكان يصيد كل يوم ثلاث إوزات، وما أصاب من النحام، وكان من الفره الذين سبيلهم أن يوصفوا، وكان يسمى الأقطع، وكان أخضر يضرب إلى الشهبة، وما رأيت مثله بفرد كف أفره منه، ولسنا نبقي ما تتعلق به الفراهة إلا ونذكره، ولقد كان عندي بازي أصفر مدبج الظهر وكان فرخا فارها على طير الماء، ولم ار افره منه على الغربان لأنه كان يصيدها طائرة وواقعة، وما علمت أن شيئا من صيده أفلت منه.
وكان عندي بازي حمل إلينا من دمشق، وقيل أنه من بعلبك، أصفر اللون وكان من الفراهة على حال مشكورة، لا سيما على طير الماء، وما علمت أني رأيت مثله، وصاد البلشون من على يدي، وخرجت به إلى الريف فصاد الدراج، حتى أنه لم تكن تسقط له دراجة إلى الأرض، وأقام سنين لا تتغير فراهته، ثم أنه بعد ذلك أصابه بشم ووقع في السل،
Sayfa 70