وأرعد هاتف في نفسي يقول: آه ... لقد بدأ الجد.
وقلت بعصبية وقد كاد صبري ينفد فعلا: ما رأيك يا سانتي؟
وخرجت «سانتي» من فمي قلقة متهدجة. كان ثمة خوف كبير قد اعتراني. لسبب لا أعرفه بدأ ينتابني إحساس مفاجئ بالخجل وبخيبة الأمل. طوال اليوم السابق وإلى اللحظة التي انتهيت فيها من قراءة الخطاب كان همي الوحيد أن أفرغ ما بنفسي، وكنت واثقا تماما أنها ستستجيب، ولهذا لم أفكر أبدا فيما يمكن أن يحدث بعد قراءة الخطاب. وإذا بي بعد أن انتهيت جالس أرتعش وأترقب كمن وجد نفسه فجأة يقف على حاجز رفيع بين هاويتين لا قرار لهما، كمن وجد نفسه يجابه مسألة لم يعمل لها حسابا قط.
كنت تماما مثل أي طفل يشعر بهاتف يهيب به أن يقذف عربة مارة من أمامه بطوبة وهو ضامن أن العربة لن تتوقف، وأنها ستمضي مارقة كالريح. ولكنه ما كاد يقذفها حتى حدث ما لم يكن في حسبانه بالمرة؛ أن توقفت العربة وهبط منها أصحابها وأحاطوا به، وأصبح عليه أن يواجههم.
أنا الآخر لم أستطع أن أكبح الهاتف الذي كان يهيب بي أن أصرح لها بكل ما أحسه ناحيتها، ولم أراجع نفسي ولا فكرت، لعلني كنت قد بدأت أدرك أني لا بد أن أخطو خطوة إيجابية وقد خيل إلي أني أصبحت مطالبا باتخاذها.
لعلني أردت أن أقدم لها عواطفي في شكل ملموس لا يحتمل شكا أو تأويلا، أردت أن ألعب لعبة الشبان فاعترفت لها بحبي لأنكشها ويصبح في استطاعتها أن تعترف لي بحبها هي الأخرى؛ إذ شعوري الداخلي كان يؤكد لي أنها تكن لي حبا ولكنها لن تصارحني به إلا إذا تأكدت أني أحبها وكنت البادئ.
لعلني كنت مثل غيري من أبناء جيلنا ظمآن أشد الظمأ إلى الحب الذي أسمع عنه في كل مكان وحياتي خالية تماما منه، وأريد الاستمتاع بنشوة الاعتراف به.
لعل هذا.
ولعلني كنت ضامنا سلفا أن سانتي لن تحاسبني على هذا البوح، ولن يحدث شيء بالمرة، وتمر علاقتنا كالعربة المارقة لا يمكن أن يوقفها أو يخدشها اعتراف كهذا.
ثم إذا بي أواجه ذلك الموقف.
Bilinmeyen sayfa