وأوصى بإنفاق المال في توثيق الصلات الأدبية والثقافية بين السويد والجزر البريطانية.
على أن طريقه في الكتابة المسرحية لم يكن بالطريق المفروش بالورود أو الذي خلت وروده من الأشواك، فقد أعنته أصحاب المسارح بطلب التنقيح والتبديل طويلا كما أعنتهم بالرفض والتقريع، وقد أعنته الرقباء وأعنتهم كذاك، فحظروا بعض الروايات، وقال الرقيب عن إحداها - وهي «صناعة مسز وارين»: إن المؤلف لا يشعر بحرج الضمير.
ولما سمع أهل نيويورك أنها ممنوعة في البلاد الإنجليزية تدفق طلاب «المحظورات» وطالباتها على المسرح، واشتجروا على تذاكر الدخول، وأوشكت أن تكون فتنة لا تؤمن «على الأمن والنظام» ... فوثب الشرطة إلى المسرح وقبضوا على فرقة التمثيل بقضها وقضيضها، وذهبوا بها إلى ساحة القضاء، فاستمهلهم القاضي ريثما يقرأ الرواية، ثم حكم بوقف التمثيل، وظل تمثيلها موقوفا إلى أن صدر الحكم من قضاء الاستئناف بإباحته، وكان شو يقول كلما سأله الرقباء الذين يمنعون تمثيل رواياته: إن الرواية تهزأ بالأخلاق، إن كنتم تقصدون بالأخلاق هذا العرف الشائع بين الناس، وإنه ما من رواية تستحق أن تكتب إن لم يكن فيها تصحيح ونقد للعرف المألوف .
في خلال ذلك كله كان شو يتردد على جماعات الاشتراكيين ويؤيدهم بلسانه وقلمه، وهو خطيب مقبول المحضر، أخاذ الصوت، حسن الإيقاع.
وكان يجذبه إلى الاشتراكية أكثر من جاذب واحد في أوائل جهاده على الخصوص، كان يجذبه إليها فقره وتمرده على النظم القائمة ونشأته الأيرلندية التي تعلم منها الثورة على الاستعمار والاستغلال، فانضوى إلى جماعة الفابيين وعمل معهم وخطب في محافلهم وندواتهم، ولكن دعوته الاشتراكية كانت أبعد شيء عن ضيق العصبية ولجاجة البغض والحرد والشنآن، وعلمته سعة الأفق وسعة الاطلاع ألا يتشيع إلى مذهب محدود بين مذاهب الفكر والإصلاح، فلوحظ على رواياته أن نصيب الدعوة الاشتراكية فيها أقل نصيب إلى جانب مسائل الأخلاق والعقائد، ومسائل الحياة الإنسانية الكبرى على التعميم.
ولا حصر لما قرأه شو من آداب عصره وآداب سائر العصور، إلا أن المؤثرين فيه من مفكري العصر الحديث محصورون معروفون، وهم على الأغلب: لامارك، وبرجسون، ونيتشه، وهنري جورج، وأبسن، وصمويل بتلر الفيلسوف الموسيقي المصور الذي أدركه شو وهو في أوج الشهرة والنفوذ.
فمن لامارك وبرجسون أخذ نظريته في التطور الخلاق.
ومن نيتشه أخذ نظريته في السوبرمان ومستقبل الإنسان.
ومن هنري جورج أخذ آراءه الاشتراكية.
ومن أبسن أخذ طريقته المسرحية ورأيه في البيت وحقوق المرأة العصرية.
Bilinmeyen sayfa