Bakaiyat
بكائيات: ست دمعات على نفس عربية
Türler
تود لو يضطرم لهيبها
لولا أن دموعي تطفئها.
ضاقت الأرض بما وسعت فلم تمددي عليها جسدك، ولهذا اخترت فراش زفافك للموت على سطح الماء. وابتعدت عن الأرض التي تنوء بحمل القتلة والفجرة والأوغاد الخداعين لكي تموتي طاهرة في الماء الطاهر.
ويأتي المشهد الأول من الفصل الخامس والأخير، فنرى مراسيم الدفن المبتورة، حتى رجال الدين أبوا عليك تراتيل القداس؛ لأن روحك فيما يقولون لم ترحل في سلام. ولولا أن تدخل الملك لدفنت كما أرادوا في أرض غير مقدسة، وبقيت فيها إلى أن ينفخ في الصور لولا أوامره لأهيل عليك الحصى والحجارة وشظايا الفخار. وأذن لك على مضض أن تشيعي إلى مثواك وعليك أكاليل العذارى، وأن تنثر عليك الزهور على رنين الأجراس.
وأنت في تابوتك - ينمو البنفسج من جسدك، ويتضوع منك الشذى - لا تدرين أن حبيبك المكتئب من طول ما تأمل حقيقة نفسه وحقيقة الحياة قد آب من غربته ليتمم انتقامه، ويسعى إلى مصرعه ومصيره. ولقد كان قبل وصول موكب جنازتك مشغولا كعادته بالتأمل والتألم إلى حد السخرية المرة من الحقيقة المرة للموت والحياة.
ضحك مع حفاري القبور إلى حد البكاء، ونثر نكاته اللاذعة فوق الجماجم الخرساء، لقد عرف وهو الآن مستعد لتقبل كل شيء والتسليم بكل شيء.
إن موتك ينتزع منه صرخة حادة. يحرك السكين في الجرح الساكن منذ سنين. لقد واجه منذ لحظات حقيقة الموت المجرد، موت المهرج «يورك» الذي طالما لعب معه وهو صغير، وموت السياسي الداهية، ورجل البلاط الأجوف، والمحامي الماكر، وموت الإسكندر العظيم الذي أصبح طينا قد يسد ثقبا ليصد الريح، أو يصير سداد لدن خمر أو برميل، ولكنه الآن يواجه موتك أنت ومن يدري؟ ربما يواجه لأول مرة في حياته حقيقة حبه لك، حبه الذي أنكره وتنكر له، ولو أحس به لخلصه من تردده، لو آمن به لما اكتسى لون العزم الأصيل بصفرة التوجس والقلق العليلة. إن موتك يا أوفيليا هو الذي يكشف له الآن عن سر الحياة والحقيقة الذي طالما حاول عبثا أن يرفع عنه الغطاء. أليس من أعجب أسرار هذا السر العجيب أن حفرة من الطين هي التي ستضم ضيفا عزيزا مثلك؟ ألم يكن الأولى أن تلتقي في غيمة أو وردة ؟! أنت يا من نجوت وحدك من السم الذي استشرى في دماء كل الذين عرفهم كما استشرى في دمه. يا من لم يزرع فيها، دون الجميع، ذلك الدمل الكريه مكان الوردة التي لا تزال تزين جبهتك الناصعة بالحب البريء. رباه! أكان ضروريا أن تجني وتموتي ليتم تطهير دولة وبعثها من جديد؟ أكان انهيارك رمزا لانهيار المجتمع وتصدع الروح وفساد الطبيعة والإنسان؟ أم كان كالنبوءة المقدسة التي تسبق المحنة وتنذر بالسقوط. لعله الآن قد أدرك أنك الضحية. لعله فهم أخيرا أنه مشترك في الوزر الذي ارتكبه الجميع لعله لا يسأل: ماذا فعلوا بك؟ بل يسأل: ماذا فعلنا بك؟ كيف عمينا عن رؤية نورك؟
وينزل لايرتس وهاملت إلى القبر. وينشب العراك، حتى يفرق الحاضرون بينهما. ويصرخ هاملت متوعدا:
هاملت :
والله لأحاربنه بهذا الشأن
Bilinmeyen sayfa