ورأيت كتابا من مكة من بعض من يطلع على حقائق الأخبار، من الشريف بركات وغيره من أهل تلك الجهات يقول فيه: إن الحج كان مباركا آمنا صالحا، وكان الشريف بركات قد أصلح الحجاز وعاد مكة وصحبته الشيخ ابن معيان، والشريف حمود اتفق ببركات وصلح هو وإياه، وكذلك أحمد بن الحارث انتظمت لهم جميع الحالات. وأنه حصل في عرفات فرقة بين القبائل من هذيل الذين يبيعون العلف، فقتل منهم جماعات، وراح من المغاربة أربعة، وقبض الشريف بركات مشائخهم وأدبهم في فعالهم. وأن السلطان كان قد جهز إلى اليمن تجهيزا كبيرا صحبة الوزير الأعظم، وبلغ أول العسكر إلى مدينة قاهرة مصر، ثم حصل خلال ذلك خلاف في بلاد[63/أ] الفرنج الكافرة المارقة، فقتلوا من المسلمين ألوفا ، وانتهبوا من المال كثيرا، بحيث كان أمرا هائلا وخطبا جسيما، فلما طرق السلطان محمد بن إبراهيم خان هذا الحادث العظيم اغتاظ من ذلك وضاق، وحمله على الإسلام الإشفاق، واسترجع من قد كان قد وصل إلى مصر من عساكره ورحل بنفسه يؤم تلك الآفاق.
قال صاحب الكتاب: ولما كان عقب الموسم خامس وعشرين شهر الحجة أمر الشريف بركات ومحمد شاوش حاكم جدة بالاجتماع للدعاء في الحرم الشريف، فاجتمع المذكورون، وأعيان علماء مكة المشهورون، وانضم إليهم أمير الشامي، وفتح باب الكعبة ورقى الخطيب إليه ودعا للسلطان بالنصر، والمذكورون يؤمنون ويضجون حتى بكى الخطيب وبكى الحاضرون، وقرأوا شرف الفاتحة.
Sayfa 377