وانظر إلى تخليقه آدم عليه السلام لا من ذكر ولا أنثى، وإلى تخليقه حواء عليها السلام من ضلع آدم عليه السلام، وإلى تخليق عيسى عليه السلام من أنثى دون ذكر، جرى التشبيه بينه وبين آدم في سرعة التخليق وتمام الخلق ، وابتداء خلقه لا من نطفة رجل بل من جوهر غير جوهر النطفة وهي الريح، وخلق الكافة من الذكر والأنثى؛ فهذه أطوار أربعة من التخليق لئلا يشكل على أحد أن التخليق يجري على نوع من التعليل أن لو جرى على وجه أو وجهين، فلما جرى على جميع ما تحتمله القسمة أدى التخليق إما أن يكون من شرطه الولادة أو لا يكون من شرطه فهل الإيجاب فيه يجري للذكر دون الأنثى، أو للأنثى دون الذكر، أو للذكر والأنثى جميعا، فأبان بالقسم الأربع أنه لا توقف للتخليق على نحو من هذه الأنحاء، فخلق عيسى من مزج الريح مع نطفة الأنثى لئلا يقول قائل: فلعل في قوة التراب ما ينوب مناب نطفة الرجل إذ خلق آدم من تراب، فأتى بالريح الذي لم يدخل في تخليق جسد آدم منه شيء كما نطق به القرآن، ووجب التصديق به والإيمان)).
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حدثني العدل تاج الدين أبو القاسم الفراوي بقراءتي عليه بمسجد المطرز بنيسابور، قال: حدثني جدي الأعلى فقيه الحرمين أبو عبد الله الصاعدي سنة تسع وعشرين وخمسمائة -ومولدي سنة اثنتين وعشرين-، قال: حدثنا الشيخ أبو سعيد محمد بن علي الخشاب الصوفي، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي السراج، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
Sayfa 252