Keman Çalan Adamın Hüzünleri
أحزان عازف الكمان
Türler
قال الشرطي لأمن البوابة الذي لحق به على كلامه: نصيحة لوجه الله، تقف على جنب حتى ينفض المولد أو تدخل الحالة من سكات وتقف في ركن بعيد.
صفق السائق بيديه وهو يقول: يا مستعجل عطلك الله.
أردف البواب: احمد ربك يا صالح، من بختكم والله.
استنكر صالح وأيده عبد الحق بهزة من رأسه: العطلة من بختنا؟ يعنى أروح كل يوم لأولادي على أذان الفجر؟
قال الشرطي مازحا: قال لك احمد ربك، بدل الدوخة على المحضر والسؤال على العقيد والعميد ووكيل النيابة قدامك نقطة الشرطة بحالها ومديرية الأمن كلها.
حرك صالح الموتور فقال البواب مبتعدا عن زجاج النافذة: المهم تنتظر لغاية ما الميري يروح لحاله.
قال عبد الحق مواسيا زميله وملطفا من الموقف: متشكرين يا جماعة، الأمر أمره وربك يطمئن القلوب، توكل على الله يا صالح. (وأنت الآن داخل النقالة ملقى في الركن المنزوي البعيد، الكل مشغول عنك وأنت أيضا في شغل عن الجميع، كما في الحياة كذلك في الموت، لا أحد يسأل عنك أو يكترث بك، ودائما تتشبث في العاصفة بمجاديف الصبر والصمت والاستغناء، مسجى هناك متحد مع جسدك ملموم كالحجر، مغمض العينين مسود الجبين مربد الملامح متفحم الطاقة والعزم والطموح والأمل، أتراك تضحك في داخلك أم تبكي؟ وهل كافأك الله على ضحكك أو على بكائك بتحقيق الحلم الذي راودك طوال العمر؟ لعله قد أنبت في كتفيك أجنحة الفرح النبوي وندى عشب المحبة في حدائق قلبك وأخرجك من كهوف النار والصقيع ومن غرف الحروف الرمادية وأطعمك من مسراته وأنواره، بل لعله قد أرسل إليك براقا صغيرا يليق برجل صغير مثلك وانطلق بك صوب سموات لم يحلق فيها خيالك ودرت معه في مدارات مجهولة وبين نجوم وشهب لم تحرقك وجبت أعلى السموات وصافحت ملائكة الله وأخذت مكانك خلف صفوف الحكماء والشعراء والملهمين الذين حاولت أن تصحبهم على الأرض وطردوك من نواديهم غاضبين؟ ها هو سبحانه قد أمر بأن ترتدي غيمة زبرجدية خضراء وأن تشاهد ما لم تر عين أو يحس قلب أو يعبر عنه لسان، وربما أوصلك عبر غيبوبة الصحو وأسلمك إلى شجرة الملأ الأعلى لتلمس الأوراق وتشم العطور وتعاين الألوان وتقطف الثمرات التي لم تذقها في حياتك؟ أم تراك الآن واقف بين الضحك والبكاء، يلفك غبار الكلمات الخرساء وتسقط من راحتيك العبارات البكماء، وتميد بروحك المذهولة المرتعدة تلك الدهشة التي كانت قدرك، وهي الآن تتلفع وجهك الشاحب الغريب وتنصت معك إلى المرثيات التي تترنم بها النجوم والرياح وزهور الأفق الزرقاء المبللة بدموعك أو بندى الفجر الجديد؟ قل لي أيها المسجى هناك: أأنت الآن الميت الحي أم ما زلت الحي الميت المهان في الجسد والروح؟)
طال انتظارهما بجوار النقالة والجثمان الهامد في القاعة الكبيرة المصفرة الأضواء. الأقدام تجري وتتدافع داخلة إلى غرفة العمليات وخارجة منها. ممرضون يجرون المحفات البيضاء وممرضات يحملن الأنابيب والدوارق والأجهزة التي تتدلى منها الخراطيم، وعساكر وضباط من كل الرتب يغدون ويروحون ويذهبون ويأتون.
ظهر مسئول كبير تبدو على وجهه المحمر المحتقن علامات الجزع والاضطراب والمهابة، يحيط به ويمشي وراءه عدد كبير من الأطباء النواب والامتياز وأكبرهم يحاول أن يطمئن المسئول ويرد على أسئلته الملهوفة. حاول عبد الحق أن يكلم أحد النواب الذين يعرفونه فصاح به: بعدين، بعدين.
ورجع إلى مكانه ليستند إلى النقالة المهجورة وهو يتشبث بالحقيبة السوداء كأنها حرز الأحراز أو كنز الكنوز. لم يكن قلقا ولا ملهوفا على شيء، فكم رأى وجرب في حياته الطويلة حتى لم تعد ترتسم على ملامح وجهه ولا تحرك قلبه علامات الدهشة أو الاستغراب.
Bilinmeyen sayfa